للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٢١- وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ القَتْلِ إِلاَّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ القَرْصَةِ" رواه الترمذي، وقال: "حديث حسن صحيح" (١) .

١٣٢٢- وعن عبد الله بن أَبي أوْفَى رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في بَعْضِ أيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ في النَّاسِ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ العَافِيَةَ، فَإذَا لَقِيتُموهُمْ فَاصْبِروا؛ وَاعْلَمُوا أنَّ

ــ

١٣٢١- (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما يجد الشهيد من مس) بفتح الميم وتشديد السين المهملة أي: نصب (القتل) وألمه (إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة) أي: قرصة نحو النملة من كل مؤلم ألماً خفيفاً، سريع الانقضاء لا يعقب علة، ولا سقماً (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح) قال العاقولي: القرص الأخذ بأطراف الأصابع، وأدخل عليها أداة الحصر؛ دفعاً لما يتوهم أن ألمه أعظم من ألمها.

١٣٢٢- (وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه التي لقي فيها العدو) أي: الكفار المقاتلين (انتظر حتى مالت الشمس) تفاؤلاً بانتقال الحال من الكرب إلى الفرج (ثم قام في الناس) خطيباً (فقال: أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو) (٢) نهى عنه؛ لما فيه من الاعتماد على قوة النفس والركون، إليها وذلك سبب الفشل والكسر قال تعالى: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً) (٣) الآية (واسألوا الله العافية) أي: السلامة من جميع المؤلمات والمخالفات دنيا وأخرى، وذلك لأن في حصونها الراحة والسلامة من المحن والنجاة من الإِحن (فإذا لقيتموهم) أي: وقع لقاؤهم لكم من غير طلب منكم (فاصبروا) على قتالهم ولا تفروا منهم، وعلل الأمر بالصبر بقوله عطفاً عليه (واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) بكسر الظاء المعجمة، جمع ظل وتقدم معناه عند شرح الحديث في باب الصبر مبسوطاً واضحاً في هذا الباب ملخصاً، ثم زاد في تشجيعهم بدعائه (وقال: اللهم منزل) اسم فاعل من الإِنزال (الكتاب) (أل) فيه للجنس فيعم الكتب


(١) أخرجه الترمذي في كتاب: فضائل الجهاد، باب: ما جاء في فضل المرابط، (الحديث: ١٦٦٨) .
(٢) لا تتمنوا الخ إنما نهى عن تمني لقاء العدو لما فيه عن صورة الإعجاب أو الاتكال على النفس والوثوق بالقوة وهو نوع بغي وقد ضمن الله لمن بغي عليه لينصرنّه الله ولأنه يتضمن قلة الاهتمام بالعدو واحتقاره وهذا مخالف للاحتياط والحزم.
(٣) سورة التوبة، الآية: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>