للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٥٨- وعنِ المَعْرُورِ بن سُوَيْدٍ، قَالَ: رَأيْتُ أَبَا ذَرٍ - رضي الله عنه -، وَعَلَيهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلاَمِهِ مِثْلُهَا، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَذَكَرَ أنَّهُ قَدْ سَابَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَعَيَّرَهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِليَّةٌ هُمْ إخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ الله تَحْتَ أيديكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا

ــ

١٣٥٨- (وعن المعرور) بإهمال العين والراء بصيغة المفعول (بن سويد) بضم المهملة وفتح الواو وسكون التحتية بعدها مهملة الأسدي، أبو أمية الكوفي ثقة من كبار التابعين عاش مائة وعشرين سنة خرج حديثه الستة (قال: رأيت أبا ذر) الغفاري (رضي الله عنه وعليه حلة) بضم المهملة وتشديد اللام، ثوب مركب من ظهارة وبطانة من جنس واحد جمعها حلل كغرفة وغرف (وعلى غلامه مثلها) أي: حلة مثل حلتها (فسألته عن ذلك) أي: سبب مساواته ملبوس عبده لملبوسه، والعادة التفاوت بينهما، (فذكر أنه ساب) بتشديد الموحدة أصله سابب، فأدغمت إحداهما في الأخرى (رجلاً) هو بلال رضي الله عنه (على عهد) أي: زمن (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعيره بأمه) بقوله يا ابن السوداء (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنك امرؤ فيك جاهلية) أتى بالمؤكد في الحكم الملقى لخالي الذهن تنزيلاً له منزلة المنكر، كقول الشاعر:

جاء فلان عارضاً رمحه ... إن بني عمك فيهم رماح

فالمخاطب غير شاك في ذلك، لكن لما جاء عارضاً رمحه صار كالمنكر لذلك فعومل معاملته، أي: خلق من أخلاق الجاهلية، وهي ما قبل الإِسلام، سموا به لكثرة جهالاتهم وذلك الفخر بالأنساب (هم) أي: الأرقاء (إخوانكم) لأنهم من الأب الأول وهو آدم، ومن الأب الثاني وهو نوح عليهما الصلاة والسلام. ويحتمل أن يراد الأخوة في الإِسلام ويكون العبد الكافر بطريق التبع، أو يختص الحكم بالمؤمن (وخولكم) بفتح الخاء والواو. قال في المصباح: مثل الخدم والحشم وزناً ومعنى (جعلهم الله) أي: صيرهم، وقدم المفعول لكونه ضميراً متصلاً؛ ولأن المقام له، وقال الحافظ في الفتح: الخول والخدم سموا بذلك؛ لأنهم يتخولون الأمر أي: يصلحونه، ومنه الخولي لمن يقوم بإصلاح البستان. اهـ (تحت أيديكم) مجاز عن القدرة والملك ثم فرع على أصله مما ذكر قوله (فمن كان أخوه) عثر به حملاً على الشفقة وتحريضاً على الإِحسان كما هو شأن الإِخوان (تحت يده فليطعمه مما يأكل) أي: من جنس ما يأكل بدليل قوله في الحديث بعده: "فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة"، والمراد: المواساة من كل وجه، لكن أخذ بالأكمل أبو ذر فعل المواساة، وهو الأفضل فلا يستأثر عياله

<<  <  ج: ص:  >  >>