للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبيّ الحسن، وكناه أبو محمد. قال: ولم يكن هذا الاسم يعرف في الجاهلية. ثم روي عن ابن الأعرابي عن المفضل قال: إن الله حجب اسم الحسن والحسين حتى سمى بهما النبي ابنيه، قال: قلت فالذين باليمن؟ قال: ذاك حسن بإسكان السين وحسين بفتح الحاء وكسر السين.

ولد منتصف رمضان سنة ثلاث من الهجرة على الأصح، ومات مسموماً من زوجته بإرشاد يزيدبن معاوية لها على ذلك على ما قيل سنة أربع أو خمس أو تسع وأربعين أو خمسين أو إحدى وخمسين أو ثمان وخمسين، ودفن بالبقيع وصلى عليه سعيدبن العاص، وقبره مشهور فيه، ويكفيك في فضله الحديث الصحيح: «أن النبيّ كان يخطب فرقي إليه الحسن، فأمسكه والتفت إلى الناس ثم قال: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» فكان كذلك. فإنه لما استخلف بعد موت أبيه وخرج لقتال معاوية وعرف أنه لا يخلص الأمر لأحد حتى يقتل جمع كثير من الجانبين، امتثل إشارة جده، ورغب عن الخلافة ونزل عنها لمعاوية وسلمها له طوعاً وزهداً وحقناً لدماء المسلمين وأموالهم على شروط وفى له معاوية بمعظمها. ومناقبه كثيرة وفضائله جملة شهيرة، وهو من الحكماء الكرماء الأسخياء. روي له عن النبي ثلاثة عشر حديثاً، وروى له أصحاب السنن الأربعة (قال حفظت من رسول الله: دع) أمر ندب لأن توقي الشبهات مندوب على الأصح (ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة) وعند ابن حبان: «فإن الخير طمأنينة، وإن الشرّ ريبة» وهو كالتمهيد لما قبله، والتقدير: إذا وجدت نفسك ترتاب في الشيء فاتركه، فإن نفس المؤمن جبلت على أنها تطمئن إلى الصدق وتنفر من الكذب وإن لم تعلم أن الذي اطمأنت إليه كذلك في نفس الأمر، وإذا جبلت على ذلك فعليك أن تأخذ برغبتها ورهبتها إذا جربت منها الإصابة كما هو شأن كثير من النفوس الصافية، لأن الله أطلعهم على حقائق الوجود وهم في أماكنهم بإلغاء ما يحبّ. قال بعضهم: لما علم الله أن قلب المؤمن الكامل ذي النفس الزكية المطهرة من رديء أخلاقها يميل ويطمئن إلى كل كمال، ومنه كون القول أو الفعل صدقاً أو حقاً، وينفر من كون أحدهما كذباً أو باطلاً، جعل ميله وطمأنينته علامة واضحة على الحل. وانزعاجه ونفرته علامة على الحرام وأمر في الأول

بمباشرة الفعل، وفي الثاني: بالإعراض عنه ما أمكن اهـ.

(رواه الترمذي) ورواه ابن حبان في «صحيحه» والحاكم (وقال) الترمذي: (حديث حسن صحيح) ولا يضرّ توقف أحمد في أبي الجوز رواية عن الحسن، فقد وثقه النسائي

<<  <  ج: ص:  >  >>