للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان الى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم" متفق عليه (١) .

ــ

(خفيفتان على اللسان) قال الطيبي: الخفة مستعارة للسهولة شبه سهولة جريان هذا الكلام على اللسان بما يخف على الحامل من بعض المحمولات ولا يشق عليه، فذكر المشبه به وأراد المشبه (ثقيلتان في الميزان) الثقل فيه على حقيقته؛ لأن الأعمال تتجسم عند الميزان، والميزان هو ما يوزن به أعمال العباد يوم القيامة. وفي كيفيته أقوال الأصح أنه جسم محسوس ذو لسان وكفتين، والله تعالى يجعل الأعمال كالأعيان موزونة أو توزن صحف الأعمال. وسئل بعضهم عن سبب ثقل الحسنة على الإِنسان، وخفة السيئة عنه فقال: إن الحسنة حضرت مرارتها وغابت حلاوتها فثقلت فلا يحملنك ثقلها على تركها، والسيئة حضرت حلاوتها وغابت مرارتها فخفت فلا يحملنك خفتها على ارتكابها (حبيبتان إلى الرحمن) أي: محبوب قائلهما وخص الرحمن بالذكر؛ لأن القصد من الحديث بيان سعة رحمة الله بعباده، حيث يجزي على العمل القليل بالثواب الكثير الجزيل. قال العيني: ويجوز أن يكون لأجل السجع، وهو من محسنات الكلام، وإنما نهى عن سجع الكهانة لكونه متضمناً لباطل (سبحان الله وبحمده) الواو للحال، أي: أسبحه متلبساً بحمدي له من أجل توفيقه لي، وقيل: عاطفة أي: وأتلبس بحمده. وقدم التسبيح؛ لأنه من باب التخلية بالمعجمة، والحمد من باب التحلية بالمهملة. قال الكرماني: التسبيح إشارة للصفات السلبية، والحمد إشارة إلى الصفات الوجودية (سبحان الله العظيم) كرر التسبيح تأكيداً للاعتناء بشأن التنزيه من جهة كثرة المخالفين الواصفين له بما لا يليق به بخلاف صفة الكمال فلم ينازع في ثبوتها له أحد، ثم سبحان فيهما منصوب على المصدرية بإضمار فعل واجب الحذف على المرضي، أتى لقصد الدوام واللزوم بحذف ما هو موضوع للتجدد والحدوث، ثم صار علم جنس للتسبيح، وأضيف إلى الله في نحو سبحان الله أولاً وأريد بهما اللفظ، فلذا كان ابتدائين. قال الدماميني في المصابيح: إن قلت المبتدأ مرفوع وسبحان منصوب فكيف وقع مبتدأ مع ذلك؟ قلت: المراد لفظهما محكياً، فإن قلت الخبر مثنى والمخبر عنه غير متعدد ضرورة، أنه ليس ثم حرف عطف يجمعهما، ألا ترى أنه لا يصح زيد عمرو قائمان، قلت هو على حذف العاطف أي: سبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم كلمتان الخ (متفق عليه) ورواه أحمد والترمذي وابن ماجه وهو آخر حديث في صحيح البخاري.


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الإيمان، باب: (إذا قال والله لا أتكلم اليوم) والدعوات باب فضل التسبيح =

<<  <  ج: ص:  >  >>