للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وكُتِبَتْ لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِي، وَلَمْ يَأتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنْهُ".

وقال: "مَنْ قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، في يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ

ــ

والعبارة للخلاصة، وسبق ما تعمل فيه مجتنب. هو إذا كان عملها من حيث كونها صفة مشبهة وعملها في الظرف ليس لذلك، بل لتضمن معنى الفعل، وبه يندفع اعتراض المحقق بدر الدين بن مالك على أبيه فيما ذكرناه بالآية السابقة (في يوم) هو شرعاً ما بين طلوع الفجر الصادق وغروب الشمس (مائة مرة) كتب الألف فيه، دفعاً لاشتباهه بمن الجارة لضمير الغائب، وظاهر إطلاقه أنه لا فرق في ترتب الثواب الآتي عليه بين ما إذا والاها أو أتى بها مفرقة (كانت له عدل عشر رقاب) أي: في ثواب عتقها. قال ابن التين: قرأناه بفتح العين، وقال في المصباح: عدل الشيء بالكسر مثله من جنسه أو مقداره. قال ابن فارس: والعدل بالكسر الذي يعادل في الوزن والقدر اهـ. وعدله بالفتح ما يقوم مقامه من غير جنسه ومنه قوله تعالى: (أو عدل ذلك صياماً) (١) وهو في الأصل مصدر يقال: عدلت هذا بهذا عدلاً، من باب ضرب إذا جعلته مثله قائماً مقامه اهـ (وكتبت له مائة حسنة) بالنصب ثاني مفعولي كتب المبني للمفعول؛ لتضمنه معنى جعل، والمفعول الأول نائب الفاعل المستكن في الفعل، وفي رواية الكشميهني: وكتب بالتذكير. قال العيني: أي: القول المذكور. قلت: ولو روي بالرفع لكان نائب فاعل الفعل فيناسب قوله: (ومحيت عنه مائة سيئة) أي: رفعت من ديوان الحفظة أو محي عنه المؤاخذة بها فلم يعذب بها (وكانت له حرزاً) بكسر المهملة وسكون الراء وبالزاي الموضع الحصين والعوذة (من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي) غاية للجملة الأخيرة أي: إنه يكون في عوذة من الشيطان مدة بقاء النهار (ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به) من الأذكار المأثورة (إلا رجل) بالرجع بدل من أحد (عمل أكثر منه) بأن زاد على المائة من التهليل فكلما زاد منه زاد الثواب. وسمي ذلك عملاً؛ لأنه عمل اللسان (ومن قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة) مفعول مطلق نحو قوله تعالى: (فاجلدوهم ثمانين جلدة) (٢) وفي المصباح فعلت الشيء مرة، أي: تارة اهـ. وفيه التارة المرة فإن ريد مرة من الزمان، كان النصب على الظرفية (حطت خطاياه) ببناء الفعل للمجهول؛ لأن من المعلوم أن هذا الفعل لا يقدر عليه غيره تعالى فهو نظير قوله تعالى: (وغيض الماء) (٣) إذ لا يتصور


(١) سورة المائدة، الآية: ٩٥.
(٢) سورة النور، الآية: ٤.
(٣) سورة هود، الآية: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>