للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عز وجل -، تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِم إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْألُهُمْ رَبُّهُمْ - وَهُوَ أعْلَم -: مَا يقولُ عِبَادي؟ قَالَ: يقولون: يُسَبِّحُونَكَ، ويُكبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، ويُمَجِّدُونَكَ، فيقول: هَلْ رَأَوْنِي؟ فيقولونَ: لا واللهِ مَا رَأَوْكَ. فيقولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْني؟!

ــ

التسبيح والتكبير ونحوهما. والتلاوة فحسب، وإن كان قراءة الحديث، ودراسة العلم، والمناظرة فيه من جملة ما دخل تحت مسمى ذكر الله تعالى (فإذا وجدوا) من الوجدان مفعوله (قوماً يذكرون الله عز وجل) عند مسلم: فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر (تنادوا) وفي رواية الإِسماعيلي: يتنادون، أي: ينادي بعضهم بعضاً دلالة على المطلوب (هلموا) أي: تعالوا وهذا ورد على لغة تميم، وأهل نجد حيث يلحقون بهم ضمائر المخاطب، تأنيثاً وتثنية وجمعاً، ولغة أهل الحجاز استعمالها في الجميع بلفظ واحد، واختلف في أصل هذه الكلمة فقيل: أصلها هل لك في كذا أمه؟ أي: أقصده، فركبت الكلمتان فقيل: هلم أي: اقصد.

وقيل: أصلها هالم بضم اللام وتشديد الميم والهاء، للتنبيه حذفت ألفها تخفيفاً (إلى حاجتكم) وفي رواية إلى بغيتكم (فيحفونهم) بفتح التحتية وضم الحاء المهملة أي: يطوفون ويدورون حولهم (بأجنحتهم) وقيل: معناه يدفون أجنحتهم حول الذاكرين، فالباء للتعدية.

وقيل: للاستعانة. قاله الحافظ في الفتح (إلى السماء الدنيا قال: فيسألهم ربهم) أي سؤالاً صورياً. بدليل قوله لدفع توهم حمله على حقيقته من استكشاف ما يجهله السائل (وهو أعلم بهم) والجملة حالية أو معترضة، ومن حكم السؤال إقرار الملائكة أن في بني آدم المسبحين والمقدسين، فيكون كالاستدراك لما سبق من قولهم (أتجعل فيها من يفسد فيها) (١) (ما يقول عبادي) الجملة بيان لقوله فيسألهم ربهم، أو مفعول لقول مقدّر أي: قائلاً أولاً تقدير، بل هو ناصب بنفسه؛ لأنه نوع من القول (قال يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك) وفي رواية الإِسماعيلي "مررنا بهم وهم يذكرونك، ويهللونك، ويحمدونك، ويسألونك " وفي حديث أنس عن البزار "يعظمون آلاءك، ويتلون كتابك، ويصلون على نبيك، ويسألونك لآخرتهم ودنياهم والمجد العز والشرف " (قال: فيقول: هل رأوني) أي: أبصروني (فيقولون: لا والله ما رأوك) قال الحافظ في الفتح: كذا ثبت بلفظ الجلالة في جميع نسخ البخاري، وكذا في بقية المواضع وسقط لغيره (قال: فيقول: كيف لو رأوني؟


(١) سورة البقرة، الآية: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>