١٤٨٢- وعن أنس - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول:"اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البَرَصِ، والجُنُونِ، والجُذَامِ، وَسَيِّيءِ الأسْقَامِ". رواه أَبُو داود بإسناد صحيحٍ (١) .
١٤٨٣- وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ، فَإنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وأعوذُ بِكَ منَ الخِيَانَةِ، فَإنَّهَا بِئْسَتِ
ــ
١٤٨٢- (وعن أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من البرص) هو إنسداد المسام، وانحباس الدم فيتولد عنه ذلك (والجنون) أي: زوال العقل أي: التمييز به أو بغيره (والجذام) قال في القاموس: هو كغراب علة تحدث من انتشار السوداء في البدن كله فيفسد مزاج الأعضاء، وهيئتها وربما انتهى إلى أكل الأعضاء، وسقوطها عن تقرح. اهـ واستعاذ - صلى الله عليه وسلم - من هذه الأمراض مع أن في الصبر عليها مزيد الأجر خشية من ضعف الطاقة عن الصبر، والوقوع في الضجر، فيفوت به الأجر، وعم بعد تخصيص المذكورات الاستعاذة فقال:(وسيىء الأسقام) أي: قبيحها كالفالج والعمى، وإنما قيد بسيئها لأن الأمراض مطهرة للآثام مرقاة للأنام مع الصبر، فأراد ألا يسد باب الأجر خصوصاً، وقد جاء: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء، فالنفوذ من جميع الأسقام، ليس من دأب الكرام، وقال ميرك: لأن منها ما إذا تحامل الإِنسان فيه على نفسه بالصبر خفت مؤنته، مع عدم إزمانه كالحمى والصداع والرمد ولا كذلك المرض المزمن، فإنه ينتهي بصاحبه إلى حالة يعرض عنه منها الحميم، ويقل دونها المداوي مع ما يورثه من الشين (رواه أبو داود بإسناد صحيح) وروي بزيادة عند ابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الصغير.
١٤٨٣- (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: اللهم إني أعوذ بك من الجوع) أي: المفرط المانع من الحضور (فإنه بئس الضجيع) أي: المضاجع وهو الذي ينام معك في فراش واحد، أي: بئس المصاحب لأنه يمنع استراحة النفس والقلب، فإن الجوع يضعف القوى ويثير أفكاراً رديئة، وخيالات فاسدة فيخل بوظائف العبادة، ومن ثم حرم الوصال (وأعوذ بك من الخيانة) أي: في أمانة الخلق، أو الخالق (فإنها بئست البطانة) بكسر الموحدة خاصة الرجل، أي: الخصلة الباطنة من خاصته، واستعاذته - صلى الله عليه وسلم - من هذه لتعليم الأمة وإرشادهم للاقتداء ليفوزوا بخير الدارين، أو المراد بالاستعاذة منها طلب
(١) أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: في الاستعاذة، (الحديث: ١٥٥٤) .