للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٩٧- وعنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ: يقُولُ: قَدْ دَعْوتُ رَبِّي، فَلَمْ يسْتَجب لِي" متفق عَلَيْهِ.

وفي روايةٍ لمسلمٍ: "لا يَزالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطيعَةِ رحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ" قيل: يَا رسولَ اللهِ مَا الاستعجال؟ قَالَ: "يقول: قَدْ دَعوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أرَ يسْتَجِبُ لي، فَيَسْتحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ" (١) .

ــ

١٤٩٧- (وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يستجاب لأحدكم ما) مصدرية ظرفية (لم يعجل) أي: مدة عدم عجلته (يقول (٢)) استئناف لبيان العجلة المانعة من الإِجابة (قد) للتحقيق (دعوت ربي فلم يستجب لي) بالبناء للفاعل وذلك لأن الله تعالى (وقد جعل الله لكل شيء قدراً) (٣) (وقد من بإجابة دعوة من دعاه، لكن في الوقت الذي قدره سبحانه وقضاه قد جعل الله لكل شيء قدراً) أفلا يتقدم شيء عن إبانه، ولا يتأخر عن أوانه (متفق عليه) قال في الجامع الكبير: رواه مالك وأبو داود والترمذي وابن ماجه (وفي رواية لمسلم) والترمذي (لا يزال) اسمها ضمير الشأن والخبر (يستجاب للعبد) دعاؤه (ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم) هو داخل فيما قبله فعطفه عليه كعطف جبريل وميكال في قوله (من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال) (٤) وذلك للاهتمام (ما لم يستعجل) بدل مما قبله بدل بداء، وقال العاقولي: كان حق الظاهر أن يؤتى بالعاطف هنا فترك على تقدير عامل آخر، إشارة إلى استقلال كل من القيدين، أي: يستجاب له ما لم يدع بإثم، وكأن سائلاً قال: هل الاستجابة مقصورة على ذلك؟ فقيل: لا بل يستجاب له ما لم يستعجل. اهـ وقال: ابن حجر في فتح الإله: ترك العاطف فيه استئنافاً تنبيهاً على أن كل واحد منهما مستقل بمنع الاستجابة، أي: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم، يستجاب لأحدكم ما لم يستعجل أهـ. وما ذكرته وجه آخر قريب. والله أعلم (قيل: يا رسول الله ما الاستعجال) المرتب عليه المنع من الإجابة (قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت) أي: تكرر مني الدعاء، وذكر الاثنين المراد به الإِشارة إلى كثرة الدعاء وتكراره لا خصوص الاثنينية (فلم أر يستجب لي فيستحسر) بالرفع عطف على يقول أي: فيعيى (عند ذلك) الاستعجال (ويدع) بفتح الدال أي: يترك (الدعاء) والحاصل


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الدعوات، باب: يستجاب للعبد ما لم يعجل، (١١/١١٩) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء ... ، باب: بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل فيقول دعوت فلم يستجب لي، (الحديث: ٩٠) .
(٢) قوله: لأحدكم أي لكل واحد منكم، وقوله: يعجل بفتح المثناة والجيم وسكون العين، وقوله: يقول أي بلسانه أو في نفسه. ع.
(٣) سورة الطلاق، الآية: ٣.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>