الصواب على لسانه من غير قصد. وقيل: مكلم بكلمة الملائكة بغير نبوة، وهذا ورد في حديث أبي سعيد مرفوعاً ولفظه "قيل: يا رسول الله كيف يحدث؟ قال: تتكلم الملائكة على لسانه". ورويناه في فوائد الجوهري وحكاه المقابسي وآخرون، ويمكن رده إلى المعنى الأول أي تكلمه في نفسه، وإن لم ير مكلماً في الحقيقة فيرجع إلى الإلهام، وفسره ابن التين بالمتفرس، ووقع في مسند الحميدي عقب حديث عائشة: المحدث الملهم بالصواب الذي يقع على فيه. وعند مسلم من رواية ابن وهب: وهم ملهمون وهي الإِصابة بغير نبوة وفي رواية الترمذي عن بعض أصحاب ابن عيينة: محدثون يعني مفهمون. وفي رواية الإِسماعيلي قال إبراهيم يعني ابن سعد رواية قوله محدث أي: يلقى في روعه. اهـ ويؤيده حديث "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر. اهـ من فتح الباري ملخصاً (فان يك في أمتي أحد) وعند بعض رواة البخاري من أحد بزيادة من قبل لم يورد القول مورد التردد فإن أمته أفضل الأمم، وإذا ثبت أنه وجد في غيرهم، فإن وجوده فيهم أولى، وإنما أورده مورد التأكيد، كقول القائل: إن كان لي صديق ففلان يريد اختصاص كمال الصداقة لا نفيها عن غيره. وقيل: بل على الترديد، وذلك لثبوت هذا المعنى في بني إسرائيل، وسبب احتياجهم حيث لا يكون حينئذ منهم نبي، فاحتمل عنده - صلى الله عليه وسلم - ألا تحتاج هذه الأمة لذلك لاستغنائها بالقرآن عن حدوث نبي، وقد وقع الأمر كذلك حتى إن المحدث منهم إذا تحقق وجوده لا يحكم بما يقع له، بل لا بد من عرض ذلك على القرآن، فإن وافقه أو السنة عمل به وإلا فلا. واقتضت الحكمة وجودهم وكونهم بعد العصر الأول زيادة في شرف هذه الأمة بوجود أمثالهم فيها، وقد تكون الحكمة في تكريمهم مضاهاة بني إسرائيل في كثرة الأنبياء فيهم فلما فات هذه الأمة كثرة الأنبياء فيهم، لكون نبيها خاتم الأنبياء، عوضوا بكثرة الملهمين (فإنه عمر) قال الطيبي: معنى الحديث لقد كان فيما قبلكم من الأمم أنبياء ملهمون، وإن يك في أمتي أحد شأنه أي الإِلهام فهو عمر، وكان جعله في انقطاع قرينه في ذلك هل نبىء أم لا؟ فلذلك أتى بلفظ إن، ويؤيده حديث "لو كان نبي بعدي لكان عمر" فلو فيه بمنزلة إن في الآخر على سبيل الفرض والتقدير. اهـ (رواه البخاري) أي: من حديث أبي هريرة (ورواه مسلم من رواية عائشة) قال الحافظ في الفتح نقلاً عن أبي مسعود صاحب الأطراف في الحديث: من طريق أبي سلمة فرواه أصحاب إبراهيم بن سعد عنه، عن أبيه عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وخالفهم ابن وهب فرواه بهذا الإِسناد فقال: عن أبي سلمة عن أبي هريرة لا عن عائشة.