وكان خُبَيبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْراً الصَّلاَةَ. وأخْبَرَ (يعني: النبيّ - صلى الله عليه وسلم -) أصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بنِ ثَابتٍ حِيْنَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ أن يُؤْتَوا بِشَيءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وكَانَ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ عُظَمائِهِمْ، فَبَعَثَ الله لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِروا أنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ
ــ
على الله تعالى (وإن يشأ يبارك على أوصال) جمع وصل وهو العضو (شلو) بكسر المعجمة وسكون اللام الجسد وقد يطلق على العضو والمراد هنا الأول (ممزع) بالزاي ثم المهملة أي: مقطع والمعنى أعضاء جسد يقطع. وعند أبي الأسود عن عروة زيادة في هذا الشعر:
لقد أجمع الأحزاب حولي وألبوا ... قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وفيه
إلى الله أشكو غربتي بعد قربتي ... وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي
وساقها ابن إسحاق ثلاثة عشر بيتاً. قال ابن هشام: ومن الناس من ينكرها لخبيب.
وفي البخاري: فقام إليه عقبة بن الحارث فقتله، وحذفه المصنف لعدم تعلقه بغرض الترجمة (وكان خبيب هو سن) في البخاري في رواية أول من سن (لكل مسلم قتل صبراً) قال في الصحاح: كل ذي روح يوثق حتى يقتل فقد قتل صبراً (الصلاة) ويؤخذ استحباب ذلك من إقرار المصطفى - صلى الله عليه وسلم - (وأخبر يعني - صلى الله عليه وسلم - أصحابه يوم أصيبوا خبرهم) ففيه معجزة له بإطلاعه على ما هو مغيب عنه بعيد منه، بالوحي إليه وإعلامه به (وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حدثوا) بصيغة المجهول (أنه قتل) بفتح الهمزة وبناء الفعل للمجهول، وهو ساد مسد المفعولين الثاني والثالث (أن يؤتوا بشيء منه) على تقدير اللام أو مضاف مفعول له أي: ليؤتوا أو إرادة أن يؤتوا، وهو بصيغة المجهول وكذا قوله:(يعرف وكان عاصم قتل رجلاً من عظمائهم) قال الحافظ: لعله عقبة بن أبي معيط فإن عاصماً قتله صبراً بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن انصرفوا من بدر، ووقع عند ابن إسحاق: أن عاصماً لما قتل أرادت هذيل أخذ رأسه، ليبيعوه من سلاقة بنت سعيد بن نهشل، وهي أم شافع وجداس أبي طلحة العبدري، وكان عاصم قتلها يوم أحد، فمنعته الدبر فإنه كان محفوظاً، احتمل أن تكون قريش لم تشعر بما جرى لهذيل من منع الدبر له فيتمكنون من أخذه (فبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدبر) بضم المعجمة السحابة، والدبر بفتح الدال المهملة وسكون الموحدة الزنابير. وقيل: ذكور النحل لا واحد له من لفظه، وسيأتي اقتصار المصنف على هذا غير مقيد بالذكر (فحمته) بتخفيف الميم أي: منعته (من رسلهم) بضمتين ويسكن الثاني تخفيفاً