للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: "حديث حسن" (١) .

١٥١٩- وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذَا أصْبَحَ ابْنُ آدَمَ، فَإنَّ الأعْضَاءَ كُلَّهَا تَكْفُرُ اللِّسانَ، تَقُولُ: اتَّقِ اللهَ فِينَا، فَإنَّما نَحنُ بِكَ؛ فَإنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وإنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا". رواه الترمذي.

معنى: "تَكْفُرُ اللِّسَانَ": أيْ تَذِلُّ وَتَخْضَعُ (٢) .

ــ

فعداه بعلى أي: اندم على خطيئتك باكياً (رواه الترمذي وقال حديث حسن) .

١٥١٩- (وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أصبح ابن آدم) أي: دخل في الصباح (فإن الأعضاء كلها) جمع عضو بضم أوله وكسره، كل لحم وافر بعظمه، قاله في القاموس. ويطلق على القطعة من الشيء والجزء منه أي: كما في المصباح، والظاهر أن هذا مراد هنا (تكفر اللسان) بينه بمَوله (تقول اتق الله فينا) فالجملة بدل مما قبلها أو بيان له (فإنما نحن بك) أي: مجازون بما يصدر عنك، والحصر إضافي.

(فإن استقمت استقمنا) القوام بالفتح العدل والاعتدال، أي: إن اعتدلت اعتدلنا (وإن اعوججت اعوججنا) العوج بفتحتين، في الأجساد، خلاف الاعتدال وهو مصدر من باب تعب يقال عوج العود فهو أعوج والعوج بكسر ففتح في المعاني، يقال في الدين عوج وفي الأمر عوج. قال أبو زيد في الفرق وكل ما رأيته بعينك فهو مفتوح، وما لم تره بعينك فمكسور اهـ. من المصباح واستشكل الطيبي الجمع بين هذا الحديث، وحديث: "إن في الجسد مضغة" ثم أجاب بما حاصله أن اللسان خليفة القلب وترجمانه، وأن الإِنسان عبارة عن القلب واللسان، والمرء بأصغريه. لسان الفتى نصف ونصف فؤاده. (رواه الترمذي) وابن خزيمة والبيهقي في الشعب (معنى تكفر) بضم الفوقية وتشديد الفاء (أي تذل وتخشع) والتكفير هو انحناء قريب من الركوع، كذا في النهاية، ونقله الطيبي وسكت عليه. قال بعض، شراح الجامع الصغير: ولا مانع أن يكون التكفير هنا، كناية عن تنزيل الأعضاء اللسان، إذا أخطأ منزلة الكافر النعم، أو الخارج من الإِسلام إلى الكفر مبالغة، فهي تكفره بهذا الاعتبار وبلسان الحال، ولا ينافي هذا قوله تقول الخ وكأنه الحامل لصاحب النهاية لما جنح له، فإنه لولا توهمه المنافاة، ما اقتصر على ما ذكره. وقد علم مما قررته (٣) بل هو أبعد عن التأويل،


(١) أخرجه الترمذي في كتاب: الزهد، باب: ما جاء في حفظ اللسان، (الحديث: ٢٤٠٦) .
(٢) أخرجه الترمذي في كتاب: الزهد، باب: ما جاء في حفظ اللسان، (الحديث: ٢٤٠٧، ٢٤٠٩) .
(٣) كذا، ولعل الأصل "وقد علم صحة ما قررته". ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>