للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٤٠- وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقاً. وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّاباً" متفقٌ عَلَيْهِ (١) .

ــ

١٥٤٠- (وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الصدق) أي: تحري الصدق في القول (يهدي) بفتح التحتية من الهداية، قال الحافظ في الفتح: وهي الدلالة الموصلة إلى المطلوب اهـ. ولعله تفسير للمراد هنا (إلى البر) بكسر الموحدة وتشديد الراء أي: الطاعة قال الحافظ: أصله التوسع في فعل الخير، وهو اسم جامع للخيرات كلها، ويطلق على العمل الخالص الدائم (وإن البر يهدي إلى الجنة) قال ابن بطال: مصداقه في كتاب الله تعالى (إن الأبرار لفي نعيم) (٢) (وإن الرجل ليصدق) أي: يتكرر منه الصدق، وعند مسلم "ليتحرى الصدق" وكذا قال في الكذب (حتى يكتب عند الله صديقاً) أي: يستحق اسم المبالغة في الصدق عنده سبحانه وتعالى، قال العاقولي: وصديق من أبنية المبالغة، من تكرر منه الصدق حتى يصير سجية له وخلقاً (وإن الكذب يهدي إلى الفجور) قال الراغب: أصل الفجر: الشق، والفجور: شق الديانة، ويطلق على الميل إلى الفساد، وعلى الانبعاث في معاصي، وهو اسم جامع للشر (وإن الفجور يهدي إلى النار) أي يوصل إليها، والإِسناد في الجمل الأربع، من الإِسناد إلى السبب (وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) والمراد بالكتابة: الحكم عليه بذلك، وإظهاره للمخلوقين من الملأ الأعلى، وإلقاء ذلك في قلوب أهل الأرض. وقد ذكره مالك بلاغاً عن ابن مسعود، وأورد فيه زيادة مفيدة، ولفظه "لا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب فينكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسوَد قلبه فيكتب عند الله من الكذابين". قال المصنف: قال العلماء: في الحديث الحث على تحري الصدق، وهو قصده والاعتناء به. وعلى التحذير من الكذب، والتساهل فيه. فإنه إذا تساهل فيه أكثر منه فعرف به فكتب. (متفق عليه) وقد تقدم مشروحاً في باب الصدق.


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الأدب، باب: قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ... ) د ١٠ (٤٢٣) .
وأخرجه مسلم في كتاب: البر والصلة والآداب، باب: قبح الكذب، وحسن الصدق، وفضله، (الحديث: ١٠٣) .
(٢) سورة المطففين، الآية: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>