هو كناية عن التعذيب اهـ. قال الطبري: إنما أسند الوعيد فيه، مع أن الكذب في اليقظة، قد يكون أشد مفسدة منه، كشهادة الزور في قتل مسلم، أو أخذ ماله: لأن الكذب في المنام كذب على الله؛ وذلك لحديث "الرؤيا جزء من النبوة" وما كان من أجزاء النبوة فمن الله (ومن استمع إلى حديث قوم وهم له) أي: لاستماعه المدلول عليه بالفعل؛ (كارهون) قال الشيخ أكمل الدين: جملة وهم له كارهون حالية، وذو الحال فاعل استمع، والذي سوغ ذلك تضمنها ضميره، ويجوز أن تكون صفة للقوم، والواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، فإن الكراهة حاصلة لا محالة (صب) بالبناء للمجهول (في أذنيه الآنك) فيه وعيد شديد، والجزاء من جنس العمل (يوم القيامة ومن صور صورة) أي: من ذوات الأرواح (عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ) عبر به وعبر فيما تقدم بقوله وأن ينفخ تفنناً في التعبير. قال العارف بن أبي جمرة: مناسبة الوعيد للكاذب في منامه وللمصور: أن الرؤيا خلق من خلق الله تعالى، وهو صورة معنوية، فأدخل لكذبه صورة معنوية لم تقع، كما أدخل المصور في الوجود، صورة ليست بحقيقية، لأن الصورة الحقيقية هي التي فيها الروح؛ فكلف صاحب الصورة بتكليفه أمراً شديداً، وهو أن يتم ما خلقه بزعمه، فينفخ الروح فيه. ووقع عند كل منهما بأن يعذب حتى يفعل ما كلف، وليس بفاعل، وهو كناية عن دوام تعذيب كل منهما. قال: والحكمة في هذا الوعيد، أن الأول كذب على جنس النبوة، والثاني نازع الخالق في قدرته اهـ (رواه البخاري) وفي الجامع الكبير: "من تحلم كاذباً كلف يوم القيامة، أن يقعد بين شعيرتين، ولن يقعد بينهما". رواه الترمذي بعد إيراد الجمل الثلاث، لكن قدم التصوير، وقال عذبه الله يوم القيامة حتى ينفخ، ثم الحلم ثم الاستماع، وقال: رواه أحمد وأبو داود وهو حسن صحيح من حديث ابن عباس قال: ورواه أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً، لكن قال: ودفع إليه شعيرة، وكلف أن يعقد بين طرفيها، وليس بعاقد. وصححه ابن ماجه وابن جرير من حديث ابن عباس، وحديث: "من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك ومن أري عينيه في المنام ما لم ير كلف أن يعقد شعيرة". رواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس، ولم يذكره البخاري وهو عجيب (تحلم أي: قال إنه حلم في نومه ورأى كذا وكذا وهو كاذب والآنك بالمد وضم