(فما هذا الذي رأيت) يحتمل السؤال عن الحقيقة والوصف القائم بها، وكذا يحتملهما الجواب (قالا لي أما) بتخفيف الميم (إنا سنخبرك) السين فيه لتأكيد الوعد (أما الرجل الأول الذي أتيت) بقصر الهمزة أي: مررت (عليه) حال كونه (يثلغ رأسه) بضم التحتية، وبالمثلثة، وبالمعجمة (بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن) أي: يحفظه (فيرفضه) بكسر الفاء وبضمها (وينام عن الصلاة المكتوبة) قال ابن هبيرة: رفض القرآن بعد حفظه كبيرة عظيمة، لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب رفضه؛ فلما رفض أشرف الأشياء، وهو القرآن، عوقب في أشرف الأعضاء، وهو الرأس. (وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه فإنه الرجل) ذكره لكونه هو الغالب لا مفهوم له مخرجاً للمرأة؛ (يغدو) أي: يخرج (من بيته فيكذب الكذبة) بفتح فسكون المرة من الكذب (تبلغ الآفاق) بمد الهمزة، وبالفاء والقاف: جمع أفق بضم أوليه وبضم فسكون. قال في القاموس: هو الناحية، أو ما ظهر من نواحي الفلك، أو مهب الجنوب والشمال والدبور والصبا اهـ. (وأما الرجال والنساء العراة) بضم العين المهملة جمع عار، هو المجرد عن الثوب (الذين هم في مثل بناء التنور فهم الزناة) أي: من الرجال (والزواني) من النساء، مناسبة العرى لهم لاستحقاقهم. أن يفضحوا، لأن عادتهم أن يستتروا في الخلوة؛ فعوقبوا في الهتك.
والحكمة في كون العذاب لهم من تحتهم كون، جنايتهم من أعضائهم السفلى. (وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم) بالبناء للمفعول (الحجارة فإنه آكل الربا) قال ابن هبيرة: إنما عوقب آكل الربا بسباحته في النهر الأحمر وإلقامه الحجر: لأن أصل الربا يجري في الذهب وهو أحمر؛ وأما إلقام الملك له الحجر فإنه إشارة إلى أنه لا يغني عنه شيئاً؛ وكذلك الربا فإن صاحبه يتخيل أن ماله يزداد، والله تعالى من ورائه يمحقه (وأما الرجِل الكريه المرآة) بفتح الميم والهمزة الممدودة أي: المنظر (الذي عنده النار يحشها