للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٥٦- وعن أَبي بَرْزَةَ نَضْلَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا جَارِيَةٌ عَلَى نَاقَةٍ عَلَيْهَا بَعْضُ مَتَاعِ القَوْمِ. إِذْ بَصُرَتْ بِالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَتَضَايَقَ بِهِمُ الجَبَلُ فَقَالَتْ: حَلْ، اللَّهُمَّ الْعَنْهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تُصَاحِبْنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ". رواه مسلم.

قَوْله: "حَلْ" بفتح الحاء المهملة وَإسكانِ اللاَّم: وَهِيَ كَلِمَةٌ لِزَجْرِ الإبِلِ.

وَاعْلَمْ أنَّ هَذَا الحَدِيثَ قَدْ يُسْتَشكَلُ مَعْنَاهُ، وَلاَ إشْكَالَ فِيهِ، بَلِ المُرَادُ النَّهْيُ أنْ تُصَاحِبَهُمْ تِلْكَ النَّاقَةُ، وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ بَيْعِهَا وَذَبْحِهَا وَرُكُوبِهَا فِي غَيْرِ صُحْبَةِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، بَلْ كُلُّ ذَلِكَ وَمَا سِوَاهُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ جائِزٌ لا مَنْعَ مِنْهُ، إِلاَّ مِنْ مُصَاحَبَةِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَا؛ لأنَّ هذِهِ التَّصَرُّفَاتِ كُلَّهَا كَانَتْ جَائِزَةً فَمُنِعَ بَعْض مِنْهَا، فَبَقِيَ البَاقِي عَلَى مَا كَانَ، واللهُ أَعلم (١) .

ــ

١٥٥٦- (وعن أبي برزة) بفتح الموحدة وسكون الراء والزاي (نضلة) بفتح النون، وسكون الضاد المعجمة (ابن عبيد) بصيغة التصغير (الأسلمي) تقدمت ترجمته (رضي الله عنه) في باب الخوف (قال بينما جارية) امرأة شابة (على ناقة عليها بعض متاع القوم إذ بصرت) بضم المهملة (بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وتضايق بهم) أي: بالقوم الذين فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - (الجبل فقالت حل) لتسرع في السير؛ (اللهم العنها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تصاحبنا) لم يضبطه المصنف، أهو بسكون الباء، أو بفتحها وتشديد النون للتوكيد. وحذفت نون الضمير، فيكون نهياً أو بالفعل المرفوع فيكون خبراً لفظا نهياً معنى (ناقة عليها لعنة، رواه مسلم قوله حل بفتح الحاء المهملة وإسكان اللام وهي كلمة لزجر الإِبل) كما أن عدس بالمهملتين المفتوحتين، فالساكنة لزجر البغل (واعلم أن هذا الحديث قد يستشكل) بالبناء للمجهول (معناه) وذلك لما فيه من تسيب تلك الناقة؛ ولا سائبة في الإِسلام (ولا إشكال فيه) أي: عند التأمل والإمعان، وذلك أنه لم يأمر بتسييبها، ومنع التصرف فيها رأساً (بل المراد النهي أن تصاحبهم تلك الناقة) في سفر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - (وليس فيه نهي عن بيعها وذبحها وركوبها، في غير صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم -. بل كل ذلك وما سواه من التصرفات، جائز لا منع منه، إلا من مصاحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بها) أي: استثناء منقطع. (لأن هذه التصرفات كلها كانت جائزة فمنع بعضها) وهو صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بها (فبقي الباقي على ما كان) عليه وقوفاً مع الوارد (والله) تعالى (أعلم) .


(١) أخرجه مسلم في كتاب: البر والصلة والآداب، باب: النهي عن لعب الدواب وغيرها (الحديث: ٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>