للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا قَالاَ فَعَلَى البَادِي منهُما حَتَّى يَعْتَدِي المَظْلُومُ". رواه مسلم (١) .

١٥٦٠- وعنه، قَالَ: أُتِيَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، بِرَجُلٍ قَدْ شرِبَ قَالَ: "اضربوهُ" قَالَ أَبُو هريرةَ: فَمِنَّا الضارِبُ بيَدِهِ، والضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، والضَّارِبُ بِثَوْبِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعْضُ القَوْمِ: أخْزَاكَ اللهُ! قَالَ: "لا تَقُولُوا هَذَا؛ لا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَان"

ــ

يسبب كل منهما الآخر (ما قالا) أي: إثم ما قالا من السب، وهو مبتدأ خبره (فعلى البادي منهما حتى) أي: إلى أن (يعتدي) أي: يتجاوز (المظلوم) بأن يتجاوز حد الانتصار. قال المصنف معناه أن إثم السباب الواقع بينهما يختص بالبادي منهما كله، إلا أن يجاوز الثاني قدر الانتصار فيؤذي الظالم بأكثر مما قاله. وفيه جواز الانتصار ولا خلاف فيه، وتظاهر عليه الكتاب والسنة. ومع ذلك فالصبر وللعفو أفضل، كما قال تعالى (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) (٢) وكحديث "وما ازداد عبد بعفو إلا عزا" "فإن قلت" إذا لم يكن المسبوب آثماً، وبرىء البارىء عن ظلمه بوقوع القصاص منهما، فكيف صح تقدير إثم ما قالا؟ "قلت": إضافته بمعنى في، يعني إثم كائن فيما قالا، وهو إثم الابتداء، فعلى البادىء (رواه مسلم) ورواه أحمد وأبو داود والترمذي. ثم هو في نسخ مسلم "المتسابان" بصيغة الافتعال.

وكذا عزاه إليه صاحب المشارق وغيره. والذي رأيته في نسخ الرياض، ما ذكرنا من التفاعل.

١٥٦٠- (وعنه قال أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل قد شرب) أي: الخمر. قال الدماميني: يصح تفسير هذا الرجل بالنعيمان وبعبد الله الملقب بحمار (فقال اضربوه) أي: حدا (قال أبو هريرة فمنا الضارب بيده والضارب بنعله، والضارب بثوبه) فيه جواز إقامة حد الخمر بالضرب بغير السوط، وقد اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال، أصحها الجلد بالسوط، ويجوز الاقتصار على الضرب، بالأيدي والثياب (فلما انصرف قال بعض القوم) قال الحافظ: وفي الرواية التي بعده في البخاري، فقال رجل، وذلك الرجل هو عمر بن الخطاب، إن كانت القضية متحدة مع حديث عمر في قصة حمار (أخزاك الله فقال لا تقولوا هكذا) وفي نسخة "هذا" (لا تعينوا عليه الشيطان) لا الثانية: ناهية أيضاً، والجملة كالتعليل لما قبلها. ووجه عونهم الشيطان بذلك، أن الشيطان يريد بتزيينه له المعصية حصول الخزي


(١) أخرجه مسلم في كتاب: البر والصلة والآداب، باب: النهي عن السباب، (الحديث: ٦٨) .
(٢) سورة الشورى، الآية: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>