للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ الحَرامُ، وَأمَّا مَنْ قَالَهُ لِما يَرَى في النَّاسِ مِنْ نَقْصٍ في أمرِ دِينِهم، وقَالَهُ تَحَزُّناً عَلَيْهِمْ، وعَلَى الدِّينِ، فَلاَ بَأسَ بِهِ. هكَذَا فَسَّرَهُ العُلَماءُ وفَصَّلُوهُ، وَمِمَّنْ قَالَهُ مِنَ الأئِمَّةِ الأعْلامِ: مالِكُ بن أنس، وَالخَطَّابِيُّ، والحُميدِي وآخرونَ، وَقَدْ أوْضَحْتُهُ في كتاب الأذْكار (١) .

ــ

منصوبان حالاً، وهما بمعنى الفاعل أو على بابهما، والنصب على أنه مفعول له (فهذا هو الحرام) أي: فالقول بما ذكر، الصادر على ذلك هو الحرام المنهي عنه، بالجملة الخبرية، لأنه أبلغ (وأما من قاله لما يرى في الناس من نقص في أمر دينهم، وقاله تحزناً عليهم وعلى الدين فلا بأس به) بل إذا رجى أنه يحصل بقوله ذلك، إقبال على أمر الدين، وإعراض عن الاخلال به (هكذا فسره العلماء وفصلوه وممن قاله من الأئمة الأعلام) جمع علم بفتحتين، وهو في الأصل الجبل، وأريد به من هو في غاية الظهور، ففيه استعارة تصريحية، وعطف على الأئمة عطف بيان. قوله بعد العطف (مالك بن أنس) إمام دار الهجرة (والخطابي) واسمه حمد بصيغة المصدر نسبة إلى جده خطاب (والحميدي) بضم المهملة وفتح الميم وسكون التحتية ثم دال مهملة، وهو ابن عبد الله الحميدي الأندلسي (وآخرون وقد أوضحته في كتاب الأذكار) المسمى بحلية البررة. قال فيه: ويؤيد الرفع أنه جاء في رواية رويناها في حلية الأولياء، في ترجمة سفيان الثوري، هو من أهلكهم. قال الإِمام الحافظ أبو عبد الله الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الرواية الأولى: قال بعض رواته: لا أدري أهو بالرفع أم بالنصب؟ قال الحميدي: الأظهر الرفع أي: هو الأشد هلاكاً للازدراء عليهم والاحتقار لهم؛ وتفضيل نفسه عليهم، لأنه لا يدري سر الله تعالى في خلقه، هكذا كان بعض علمائنا يقول، هذا كلام الحميدي والخطابي، معناه: لا يزال الرجل يعيب الناس، ويذكر مساويهم، ويقول فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك، فإذا قاله كذلك، فهو أهلكهم أي: أسوأ حالاً، فيما يلحقه من الإِثم في عيبهم والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه، ورؤيته أن له فضلاً عليهم، وأنه خير منهم فيهلك. هذا كلام الخطابي، فيما روينا عنه في معالم السنن ورويناه في سنن أبي داود ومن طريق مالك، ثم قال: قال مالك إذا قال ذلك تحزناً عليهم، لما يرى في الناس، يعني في أمر دينهم، فلا أرى به بأساً. وإذا قال ذلك عجباً بنفسه، وتصاغراً للناس، فهو المكروه الذي نهي عنه. قلت فهذا تفسير بإسنادٍ، في


(١) أخرجه مسلم في كتاب: البر والصلة والآداب، باب النهي عن قول: هلك الناس (الحديث: ١٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>