الغَضَبِ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هُوَ يَقُولُ:"اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أنَّ اللهَ أقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الغُلامِ". فَقُلتُ: لا أضْرِبُ مَمْلُوكاً بَعْدَهُ أَبَداً. وَفِي روايةٍ: فَسَقَطَ السَّوْطُ مِنْ يَدِي مِنْ هَيْبَتِهِ. وفي روايةٍ: فَقُلتُ: يَا رسولَ الله، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ:"أمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ". رواه مسلم بهذه الروايات (١) .
١٦٠٣- وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ:"مَنْ ضَرَبَ غُلاَمَاً لَهُ حَدّاً لَمْ يَأتِهِ أَوْ لَطَمَهُ فإنَّ كَفَارَتَهُ أنْ يُعْتِقَهُ" رواه
ــ
فسمعت صوتاً من خلفي اعلم أبا مسعود) أتى به للتنبيه على ما بعده (فلم أفهم الصوت) أي: ما اشتمل عليه من الكلام ومن في قوله (من الغضب) تعليلية، كهي في قوله تعالى (مما خطيئاتهم أغرقوا)(فلما دنا) أي: قرب (مني إذا) فجائية (هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يقول: إعلم) بصيغة الأمر (أبا مسعود) بحذف حرف النداء، اختصاراً (أن الله تعالى أقدر عليك منك على هذا الغلام) أي: فاحذر انتقامه، ولا يحملك قدرتك على ذلك المملوك، أن تتعدى فيما منع الله منه، من ضربه عدواناً. (فقلت لا أضرب مملوكاً بعده) أي: بعد هذا القول الذي سمعته (أبدأ وفي رواية) هي لمسلم كما ستأتي (فسقط السوط من يدي من هيبته) من تعليلية (وفي رواية فقلت يا رسول الله هو حر لوجه الله تعالى) أي: لذاته طلباً لمرضاته (فقال أما) بتخفيف الميم (إنه لو لم تفعل) فيه إطلاق الفعل على الفاعل (للفحتك النار) بتخفيف الفاء، وبالحاء المهملة، أي: أحرقتك (أو) شك من الراوي (لمستك النار) ويلزم من مسها الإِحراق (رواه مسلم بهذه الروايات) .
١٦٠٣- (وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من ضرب غلاماً له حداً) مفعول له (لم يأته) أو لم يفعل ما يقتضي ذلك الحد الذي حد به (أو لطمه) أي: ضربه ببطن كفه، من غير سبب (فإن كفارته) أي: مكفر إثم ذلك عنه (أن يعتقه) أي: محو ذلك الإِثم عنه، بإعتاقه. قال القاضي عياض: أجمعوا على أن الإعتاق غير واجب، وإنما هو مندوب. لكن أجر هذا الإِعتاق، لا يبلغ أجر الإِعتاق شرعاً. وفي الحديث الرفق بالمماليك، إذا لم يذنبوا أما إذا أذنبوا فقد رخص - صلى الله عليه وسلم - بتأديبهم بقدر إثمهم، ومتى زادوا يأخذ بقدر الزيادة (رواه
(١) أخرجه مسلم في كتاب: الإِيمان، باب: صحبة المماليك، وكفارة من لطم عبده، (الحديث: ٣٥) .