للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَّةِ في إثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فقالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ؟ " قالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قال: "قالَ: أصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي، وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وأَما مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا، فَذلكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ

ــ

الصبح) فيه مشروعية الجماعة في السفر في المكتوبات، وإن كان طلبها فيه دونه في الحضر للمشقة فيه (بالحديبية) بضم المهملة الأولى، وفتح الثانية وسكون التحتية وكسر الموحدة.

قال في المصباح: أهل الحجاز يخففون التحتية أي: التي بعد الباء. قال الطرطوشي بالتخفيف. وقال أحمد بن يحيى: لا يجوز فيها غيره. وهذا هو المنقول عن الشافعي. وقال السهيلي: التخفيف أعرف عند أهل العربية. قال: وقال أبو جعفر النحاس: سألت كل من لقينا ممن أثق بعلمه، من أهل العربية، عن الحديبية فلم يختلفوا على أنها مخففة. ونقل البكري التخفيف عن الأصمعي أيضاً. وأشار بعضهم إلى أن التثقيل، سمع من فصيح، ووجه في المصباح بما يؤول لضعفه، وهي بين مغرب مكة على عريق جدة دون مرحلة من مكة بينها، وبين مكة عشرة أميال (على إثر) بكسر فسكون للمثلثة وبفتحتين (سماء) أي: مطر كانت من الليل، والتأنيث باعتبار لفظ سماء المؤنثة تأنيثاً لفظياً. قال في المصباح: السماء المطر مؤنثة لأنها بمعنى السحاب (فلما انصرف) أي: من الصلاة بإتمامها (أقبل على الناس فقال: هل تدرون) أي تعلمون (ماذا قال ربكم) أي: قولاً نفسياً فاعله بذاته (قالوا الله ورسوله أعلم) ردوا ذلك لهما لزوماً للأدب، ووقوفاً عند حد العلم، وخروجاً عن مجاوزته (قال) أي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال) أي: الله تعالى (أصبح من عبادي) الإضافة للاستغراق (مؤمن بي وكافر) أي: بي وحذف اكتفاء بدلالة ما قبله عليه، وإيماء إلى أن القبيح لا ينبغي أن يؤتى معه بنسبته إليه، مبالغة في أدب الخطاب معه، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته إن كان المراد منها الفضيلة فالعطف تفسيري وإن أريد بها إرادته فعطف مغايرة (فذلك مؤمن بي) إذا أضاف الأمور إلى خالقها الموجد لها (كافر بالكوكب) أي: بنسبة إحداثها لشيء فإنه لا أثر لغير الله في شيء أصلاً، وأفرد الكوكب مراداً به الجنس، المدلول عليها بأل الداخلة عليه (وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا) كناية عما يضاف إليه النوء من النجوم غالباً (فذلك كافر بي) كفراً حقيقياً إن اعتقد أن النوء موجد للمطر حقيقة، وإلا فكافر للنعمة إن لم يعتقد ذلك، وأسند ما لله لغيره (مؤمن بالكوكب) قال ابن النحوي في لغات ابن المنهاج في النوء: كلام طويل لخصه ابن الصلاح، حيث قال: النوء في أصله ليس هو نفس الكوكب فإنه مصدر ناء النجم ينوء أي: سقط وغاب وقيل أتي: طلع ونهض، بيان ذلك: أنها أربعة

<<  <  ج: ص:  >  >>