للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلاَ عَدْلاً. وَمَن ادَّعَى إِلَى غَيرِ أَبيهِ، أَوْ انْتَمَى إِلَى غَيرِ مَوَاليهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعينَ؛ لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفاً وَلاَ عَدْلاً" متفق عَلَيْهِ. "ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ" أيْ: عَهْدُهُمْ وأمَانَتُهُمْ. "وأخْفَرَهُ": نَقَضَ عَهْدَهُ. "وَالصَّرْفُ": التَّوْبَةُ، وَقِيلَ الحِيلَةُ. "وَالعَدْلُ": الفِدَاءُ (١) .

١٨٠٣- وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه -: أنَّه سَمِعَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا، وَلَيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ

ــ

المعتق إلى غير مواليه، لما فيه من كفر النعمة، وتضييع حقوق الإِرث والولاء والعقل وغير ذلك، مع ما فيه من القطيعة والعقوق (لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً) زيادة في إذلاله وإبعاده عن الرحمة (متفق عليه ذمة) بكسر المعجمة وتشديد الميم (المسلمين أي: عهدهم وأمانتهم) بيان لها بالمراد بها في الحديث أي: أن أمان المسلمين للكافر صحيح بشروطه المعروفة، فإذا وجدت حرم التعرض له كما قاله فمن أخفره إلخ. (وأخفره) بالضبط السابق (نقض عهده) أي: نقض أمانه وتعرض للكافر الذي أمنه. قال أهل اللغة: أخفرت الرجل إذا نقضت عهده، وخفرته إذا أمنته (والصرف التوبة) تقدم أنه قول الأصمعي وأنه جاء مرفوعاً (وقيل: الحيلة) هو قول أبي عبيد (والعدل الفدية) هو قول يونس.

١٨٠٣- (وعن أبي ذر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ليس من) زائدة للتأكيد (رجل ادعى) بتشديد الدال أي انتسب (لغير أبيه وهو يعلمه) أي: وقصده نفي نسب أبيه عنه، وإلا فلو اشتهر بالنسب إلى جده أو من تبناه مثلاً، فانتسب لذلك لشهرته غير قاصد انتفاءه من نسبه، فلا يشمله الوعيد الآتي (إلا كفر) أي: إن استحله، وقد علم بالتحريم المعلوم من الدين بالضرورة والإِجماع. هذا إن حمل على الكفر المضاد للإِيمان، وإن أريد منه الكفران المقابل للشكر، فالأمر ظاهر (ومن ادعى ما ليس له) عامداً عالماً (فليس منا) أي: على هدينا وطريقنا (وليتبوأ مقعده من النار) أي: فلينزل أو فليتخذ منزله منها. قال الخطابي:


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الفرائض، باب: إثم من تبرأ من مواليه وفي الجزية والاعتصام (٤/٧٣، ٧٤) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بالبركة ... ، (الحديث: ٤٦٧، ٤٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>