للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ النَّاسِ؛ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إذْ بَعَثَ اللهُ تَعَالَى ريحاً طَيِّبَةً فَتَأخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ؛ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيها تَهَارُجَ الحُمُرِ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ ". رواه مسلم. قولهُ: " خَلَّةً بَينَ الشَّامِ والعِراَقِ ": أي طَرِيقاً بَيْنَهُمَا. وقولُهُ: " عَاثَ " بالعين المهملة والثاء المثلثة، وَالعَيْثُ: أَشَدُّ الفَسَاد. " وَالذُّرَى ": بضم الذال المعجمة وهو أعالي الأسْنِمَةِ وهوَ جَمعُ ذِروةٍ بضمِ الذالِ وكَسْرها " وَاليَعَاسِيبُ ": ذُكُورُ النَّحْلِ.

ــ

حلق. والفخذ تقدم أنهم الجماعة من الأقارب. وهم دون البطن، والبطن دون القبيلة كما يأتي في كلامه (من الناس فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض) بكسر الموحدة (روح كل مؤمن وكل مسلم) قال المصنف: كذا في جميع نسخ مسلم، وكل بالواو وإسناد القبض إلى الريح مجاز من الإِسناد إلى السبب (ويبقى شرار الناس يتهارجون) بالراء والجيم فيها (تهارج الحمر) بضمتين أي: تجامع الرجال النساء علانية بحضرة الناس، كما تفعل الحمير، ولا يكترثون لذلك. والهرج الجماع بكسر الراء يقال: هرج زوجته إذا جامعها، تهرجاً بتثليث حركة الراء ذكره المصنف (فعليهم) وحدهم دون المؤمنين (تقوم الساعة) أي: القيامة (رواه مسلم) ورواه الأربعة قال التوربشتي: فإن قيل: أوليس في هذه الأشياء الخارقة للعادة التي وردت في هذا الحديث وغيره من أحاديث َالدجال وظهورها على يديه مضلة للعقول، ومدعاة إلى اتباع الباطل وإخلال بما أعطى الله أنبياءه من المعجزات؟ فالجواب: أن الملعون إنما ترك ذلك لأن في نفس القصة ما يدع المتصبر عن الالتفات إليها فضلاً عن قبولها، ثم أنه لا يدعي النبوة بل يدعي الربوبية وهذا مما لا مساغ له في العقول ولا موقع له في القلوب لقيام دلائل الحدوث في نفس المدعي، مع أنه لم يترك دعواه حتى ألزم النقص الذي لا ينفك، ولا يخفى على ناظر مكانه، وهو العور الذي به. وإلى هذا المعنى أشار بقوله: ولكن أقولكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه أنه أعور الحديث. وقال أيضاً فإن قيل: أوليس قد ثبت في أحاديث الدجال أنه يخرج بعد خروج المهدي وأن عيسى يقتله كما في آخر الحديث، وذلك دليل أنه لا يخرج وهو - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرهم، بل ولا تراه القرون الأولى من هذه الأمة، فما الحكم في قوله إن يخرج وأنا فيكم؟ فالجواب: إنما سلك هذه المسالك من التورية لإِبقاء الخوف على المكلفين من فتنته، واللجأ إلى الله تعالى من شره، لينالوا الفضل من الله ويتحققوا بالشح على دينهم؟ اهـ.

(وقوله خلة بين الشام والعراق أي: طريقاً بينهما) تقدم ضبط خلة، والخلاف فيه وما ذكره المصنف (وقوله عاث بالمهملة والمثلثة) تقدم أنه بصيغة الماضي، وحكي بصيغة اسم

<<  <  ج: ص:  >  >>