للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءهُ، وإنَّ الكَافِرَ إذَا بُشِّرَ بِعَذابِ اللهِ وَسَخَطهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وكَرِهَ اللهُ لِقَاءهُ" رواه مسلم (١) .

ــ

المؤمن بزيادة إن (إذا بشر برحمة الله) من النعيم والإِحسان المعدين له (ورضوانه وجنته) وذلك التبشير عند الاحتضار (أحب لقاء الله) لما يعلم من عظيم ما ينتقل إليه ويحل به من وفضل ربه (فأحب الله لقاءه) أي: رضيه وأثنى عليه (وأن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه) فيه تهكم واستهزاء، إذا استعملت البشارة الموضوعة في الأمر السار للمبشر في ضده ومنه قوله تعالى: (فبشرهم بعذاب أليم) (٢) (كره لقاء الله) لما يعلم من سوء منقلبه فإنه في الدنيا خال من العذاب، وفي الآخرة مؤبد فيه مخلد (فكره الله لقاءه) أي: أبعده من رحمته وكرهه وذمه في عالم الملكوت - (رواه مسلم) وفي الجامع الصغير حديث "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي من حديث عائشة وعبادة. وفي الجامع الكبير بعد ذكر المتن كما في الجامع الصغير رواه الطيالسي وأحمد والدارمي والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أنس عن عبادة بن الصامت ورواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة. ورواه الطبراني عن معاوية وذكر الحديث كما ذكره المصنف لكن قال: قالوا يا رسول الله لكنا نكره الموت "قال ليس ذلك كراهية الموت ولكن المؤمن إذا احتضر جاء البشير من الله بما هو صائر إليه فليس شيء أحب إلى الله (٣) من أن يكون قد لقي الله فأحب الله لقاءه، وإن الفاجر إذا احتضر جاءه ما هو صائر إليه من الشر فكره لقاء الله فكره الله لقاءه" وقال: رواه أحمد والنسائي من حديث ابن حبان اهـ. قال المصنف هذا الحديث يفسر آخره أوله، ويبين المراد بباقي الأحاديث المطلقة: "من أحب لقاء الله ومن كره لقاء الله". ومعنى الحديث إن الكراهة المعتبرة ما يكون عند النزع حالة عدم قبول توبة، ولا غيرها فحينئذ يبشر كل بما يصير إليه ويكشف له عنه، فأهل السعادة يحبون لقاء الله، لينتقلوا إلى ما أعد الله لهم، ويحب الله لقاءهم، أي: ثم فيجزل لهم العطاء والكرامة، وأهل الشقاوة يكرهون لما علموا من سوء ما ينتقلون إليه ويكره الله لقاءهم أي: يبعدهم عن رحمته وكرامته ولا يريد ذلك بهم، وهذا معنى كراهيته سبحانه لقاءهم. وليس معنى الحديث أن سبب كراهة الله لقاءهم كراهيتهم ذلك، ولا أن


(١) أخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء ... ، باب: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء، (الحديث: ١٥) .
(٢) سورة آل عمران، الآية: ٢١.
(٣) كذا في الأصل ولعلم إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>