للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٤٧- وَعَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ صَفِيَّةَ بنتِ حُيَيٍّ رَضيَ اللهُ عَنها، قالتْ: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُعْتَكِفاً، فَأَتَيْتُهُ أزُورُهُ لَيْلاً، فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأنْصَارِ رضيَ اللهُ عَنهُما، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أسْرَعَا. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "عَلَى رِسْلِكُمَا، إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ" فَقَالاَ: سُبْحانَ اللهِ يَا رسولَ اللهِ، فقالَ: "إنَّ

ــ

سبب حبه لقاء الآخرين حبهم ذلك بل هو صفة لهم اهـ. وفي النهاية من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه والموت دون لقاء الله. قال في الفتح: كذا أخرجه النسائي بهذه الزيادة وهي من كلام عائشة مما يظهر، وذكرتها استنباطاً مما تقدم. قال في النهاية: المراد بلقاء الله المصير إلى الدار الآخرة وطلب ما عند الله، وليس الغرض به الموت لأن كلاً يكرهه، فمن ترك الدنيا وأحب الآخرة أحب لقاء الله ومن آثرها وركن إليها كره لقاء الله، لأنه إنما يصل إليه بالموت. وقوله والموت دون لقاء الله، يبين أن الموت خير اللقاء، لكنه معترض دون الغرض المطلوب، فيجب أن يصبر عليه - ويحتمل مشاقه على الاستسلام لما كتب الله له وقضى، حتى يصل إلى الفوز بالثواب العظيم اهـ. وكذا قال كل من أبي عبيد القاسم بن سلام والخطابي: أن معنى محبة لقاء الله إيثاره الآخرة على الدنيا، وعدم محبة استمراره فيها لاستعداده للارتحال عنها، والكراهة عند حكمه. قال أبي عبيد: ومما بينه أن الله سبحانه وتعالى عاتب قوماً بحب الحياة بقوله: (إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها) (١) .

١٨٤٧- (وعن أم المؤمنين صفية) بفتح المهملة وكسر الفاء وتشديد التحتية (بنت حيي) بضم المهملة وفتح التحتية الأولى وتشديد الثانية تقدمت ترجمتها (رضي الله عنها قالت كان النبي - صلى الله عليه وسلم - معتكفاً فأتيته أزوره ليلاً) أي: في جزء منه كما يومىء إليه تنكيره (فحدثته ثم قمت لأنقلب) أي: أرجع إلى منزلي (فقام معي ليقلبني) أي: ليرجعني (فمر رجلان من الأنصار) قال الحافظ في الفتح: لم أقف في شيء من كتب الحديث على تسميتهما إلا أن ابن العطار في شرح العمدة زعم أنهما أسيد بن حضير وعباد بن بشر ولم يذكر لذلك مستنداً (رضي الله عنهما فلما رأيا النبي - صلى الله عليه وسلم - أسرعا) أي: في المشي (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - على رسلكما) بكسر الراء ويجوز فتحها أي: على هينتكما في المشي، فليس هنا ما تكرهانه. وفيه شيء محذوف.

أي: إمشيا على هينتكما (إنها صفية بنت حيي فقالا: سبحان الله يا رسول الله) زاد البخاري في رواية "وكبر عليهما ذلك" وفي رواية "فقال يا رسول الله وهل يظن بك إلا خيراً" (فقال إن


(١) سورة يونس، الآية: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>