للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَإنِّي خَشِيْتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرّاً - أَوْ قَالَ: شَيْئاً -". متفق عليه (١) .

١٨٤٨- وعن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - قال:

ــ

الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) قيل هو على الحقيقة وإن الله تعالى أقدر من ذلك. وقيل: هو على سبيل الاستعارة من كثرة إغرائه، فكأنه لا يفارق كالدم فاشتركا في شدة الاتصال وعدم المفارقة (وإني خشيت) أي: خفت (أن يقذف) بكسر الذال المعجمة أي: يلقي (في قلوبكما شراً أو قال شيئاً) قال الحافظ: المحصل من الروايات: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينسبهما إلى أنهما يظنان به سوءاً لما تقرر عنده من قوة إيمانهما ولكن خشي عليهما أن يوسوس لهما الشيطان ذلك، لأنهما غير معصومين، فقد يمضى بهما ذلك إلى الهلاك فبادر إلى إعلامها حسماً للمادة وتعليماً لما بعده إذا وقع له مثل ذلك، كما قال، الشافعي: فقد روى ابن عساكر في تاريخه أن الشافعي كان في مجلس ابن عيينة فسأله عن فقه هذا الحديث فقال: إن كان القوم اتهموا النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا بتهمتهم إياه كفاراً لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدب من بعده فقال: "إذا كنتم هكذا فافعلوا هكذا حتى لا يظن بكم الظن السوء" لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يتهم وهو أمين الله في أرضه، فقال ابن عيينة: جزاك الله خيراً يا عبد الله ما يجيئنا منك إلا كل ما نحبه، نقله السيوطي عنه في زهر الربى على المجتبى، لكن نقله الحافظ في الفتح عن الحاكم بلفظ إن الشافعي كان في مجلس ابن عيينة فسأله عن الحديث فقال إنما قال لهما ذلك، لأنه خاف عليهما الكفر إن ظنا به التهمة فبادر إلى إعلامها نصيحة لهما قبل أن يهلكا بقذف الشيطان في نفوسهما ما يهلكان به (متفق عليه) قال الحافظ في الفتح: في الحديث فوائد: منها التحرز عن التعرض لسوء الظن والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار.

قال ابن دقيق العيد: وهذا متأكد في حقوق العلماء ومن يقتدى بهم فلا يجوز لهم أن يفعلوا ما يوجب ظن السوء بهم وإن كان لهم فيه مخلص، لأن فعل ذلك يكون سبباً لسوء الظن بهم ولإِبطال الانتفاع بعلمهم.

١٨٤٨- (وعن أبي الفضل) كنية (العباس بن عبد المطلب) بن هاشم عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الاعتكاف، باب: هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد، (٤/٢٤٣) .
وأخرجه مسلم في كتاب: السلام، باب: بيان أنه يستحب عن رؤي خالياً بامرأة وكانت زوجه ... ، (الحديث: ٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>