(وقال تعالى: {وتوكل} ) فيه إشارة لشرف الموكل، وأوجبه بعضهم مطلقاً، والظاهر وجوبه باعتبار لا مطلقاً. أما التوكل بطرح الأسباب والاكتساب فهو من شأن أهل الكمال وهو المندوب، وفي «المفهم» للقرطبي: المتوكلون على حالين: الحال الأول حال المتمكن في التوكل فلا يلتفت إلى شيء من الأسباب بقلبه ولا يتعاطاها إلا بحكم الأمر. والحال الثاني حال غير المتمكن، وهو الذي يقع له الالتفات إلى الأسباب أحياناً غير أنه يدفعها عن نفسه بالطرق العلمية والبراهين القطعية والأزواق الحالية، فلا يزال كذلك إلى أن يرقيه تعالى بجوده إلى مقام المتمكنين ويلحقه بدرجات العارفين اهـ. ( {على الحيّ الذي لا يموت} ) فيه إشارة إلى أن من توكل على غير الله فقد ضاع لأن الغير يموت؛ والعاقل لا ينبغي له أن يتوكل على من يموت ويفنى. وقال بعضهم: الاعتماد على الغني غايته الفقر، والاعتماد على القوّة آخره الضعف، والاعتماد على الخلق هو طريق الخذلان، ومن اعتمد على سوى الله وتوكل على غيره فقد ضيع وقته وخاب سعيه، لأن الحيّ الذي لا تجري عليه فنون العوارض دعاك إليه بألطف دعواه فقال {وتوكل على الحي الذي لا يموت} . ( {وقال تعالى: وعلى ا} ) لا على غيره ( {فليتوكل المؤمنون} ) إذ هو الحي القيوم. (وقال تعالى) : {فإذا عزمت} ) على إمضاء ما تريد بعد المشاورة ( {فتوكل على ا} ) أي: ثق به لا بالمشاورة (والآيات في الأمر بالتوكل كثيرة معلوماً) .
(وقال تعالى:) في فضل التوكل وثمراته ( {ومن يتوكل على ا) فهو حسبه} أي: كافيه