للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تأويل مصدر مبتدأ مخبر عنه بالظرف السابق (كان يقول: اللهم) أي: يا أ (لك) لا لغيرك كما يؤذن به تقديم الظرف (أسلمت) قال ابن عبد البرّ: استسلمت لحكمك وأمرك وسلمت ورضيت آمنت وصدقت وأيقنت اهـ (وبك) أي: بذاتك وما يجب لها من أوصاف الكمال (آمنت) أي: صدقت (وعليك توكلت) ركنت إليك في سائر الأمور وخرجت عن تدبيري لنفسي وحولي وقوّتي، اكتفاء بما سبقت به الإرادة وجرت به الأقدار (وإليك أنبت) من الإنابة: الرجوع، وتختص بالرجوع إلى الخير كما في «التمهيد» لابن عبد البرّ: أي: رجعت إلى عبادتك والإقبال على ما يقرّب منك. وقيل: رجعت بالتوبة واللجأ والذلة والمسكنة، وقيل: رجعت إليك في تدابير الأمور وتصاريفها فيكون بمعنى «وعليك توكلت» (وبك) أي: بما أعطيتني من البرهان والحجج القولية، أو بالنصرة ونحوها من الحجج الفعلية (خاصمت) أعداء الدين فقصمت ظهورهم بالبراهين القوية وقطعت دابرهم بالسيوف والرماح السمهرية (اللهم إني أعوذ) أعتصم وألتجيّ (بعزتك) أي: بقوتك وقدرتك وسلطانك وغلبتك (لا إله إلا أنت) جملة معترضة لتأكيد العزة والاعتصام بحبله تعالى: وقوله: (أن تضلني) أصله من أن تضلني متعلق بأعوذ، وحذف الجار من إن وأن: قياس مطرد، وتضلني بضم الفوقية من الإضلال (أنت الحي) على الدوام (القيوم) بفتح القاف وتشديد التحتية القائم بتدبير الخلق وحفظه (الذي لا يموت) بالتحتية نظراً لكونه صلة للذي، وبالفوقية نظراً لضمير الخطاب قبله وهو كالتأكيد لما

قبله، لأن من شأن القائم بالتدبير والحفظ ألا يموت، لأن من لا يحفظ حياة نفسه كيف يحفظ حياة غيره (والجن) أي: الشامل للملك (والإنس) وأتباعهم من الحيوانات والحشرات (يموتون) فيه تنبيه على سبب التوكل عليه ورد الأمر إليه دون غيره وهو أن غيره يموت: ويضمحلّ شأنه ويفوت، والتوكل إنما هو على الحيّ الذي لا يموت، فمن اعتزّ بغير الله ذلّ، ومن اهتدى بغير هدايته ضلّ، ومن اعتصم با تعالى وتوكل عليه: عزّ وجلّ (متفق عليه) ورواه النسائي أيضاً (وهذا) المذكور (لفظ مسلم) في روايته (واختصره البخاري) . فقال: عن ابن عباس أن النبي كان يقول: «أعوذ بعزتّك

<<  <  ج: ص:  >  >>