فلعلها تعددت، فيجمع بين الأقوال بتعدد الغزوة وتعدد الأعرابي. وقضية كلام البخاري في «المغازي» من صحيحه أن ذات الرقاع يقال لها ذو قرد، والله أعلم (فقال: إن هذا اخترط عليّ سيفي وأنا نائم) وفي سيرة ابن سيد الناس عن جابر «أن النبيّ كان جالساً وأن السيف كان في حجره فقال: يا محمد انظر إلى سيفك هذا؟ قال نعم، فأخذه واستله ثم جعل يهزّه ويهمّ بقتل النبيّ فيكبتهالله، ثم قال: يا محمد أما تخافني؟ قال: ما أخاف منك، قال: وفي يدي السيف، قال لا، يمنعني الله منك» الحديث، وظاهر أن ما في «الصحيح» مقدم على ما في غيره (فاستيقظت) أي: عقب اختراطه قبل تمكنه من الفتك به، ويحتمل أن يكون بعد تمكنه من الفتك به وعصم الله تعالى نبيه وكبت عدوّه (وهو في يده صلتا) حال (وقال) أي: الأعرابي مخاطباً للنبي (من يمنعك مني) استفهام يتضمن النفي كأنه قال: لا مانع لك مني، ظن لقصور نظره أن السيف هو القاتل، ولم يدر أن اهو الفاعل وأنه يحول بين المرء وقلبه (فقلت: ا) أي: يمنعني منك فيكون مبتدأ محذوف الخبر بقرينة وجوده في السؤال، ويحتمل أن يكون التقدير: يمنعني الله فيكون فاعلاً حذف عامله لما ذكر فيما قبله (ثلاثاً) الظاهر أنه قيد في الجواب فقط، وكأنه أعاد هذا اللفظ ثلاثاً تلذذاً به، ولغلبة توحيده وكمال شهوده لم ينزعج قلبه الشريف، بل كان على حاله المنيف في أن قرّة عينه في مشاهدته لمولاه ومناجاته، ويحتمل أنه كرّر قوله:«من يمنعك» فكرر قوله: «ا» في جوابه. وقد وقع في نسخة من البخاري «من يمنعك مني من يمنعك مني» فكرّرها مرتين (و) من كرم أخلاقه (لم يعاقبه) ففيه العفو والحلم ومقابلة السيئة بالحسنة (وجلس) أي: النبيّ من اضطجاعه الذي كان عليه حال نومه، فيكون حالاً من مفعول يدعونا، وعليه اقتصر الشيخ زكريا، أو جلس الأعرابي من قيامه الذي كان عليه حال اختراط السيف لأمته (متفق عليه) في السيرة لابن سيد الناس عن جابر أن في ذلك نزل قوله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ همّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم}(المائدة: ٢) الآية (في رواية) للبخاري (قال جابر: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع) أي: بغزوة ذات الرقاع، وسميت بذلك لأنهم رفعوا فيها راياتهم، ويقال ذات