وخص العرض بالذكر لأن طول كل شيء غالباً أكثر من عرضه هذا عرضها، وأما طولها فلا يعلمه إلاالله، وهذا على التمثيل لا أنها كالسموات والأرض لا غير بل كعرض السموات والأرض عند ظنكم (الآية) أي أتم الآية، يعني:{أعدت للمتقين} وهو وقف تامّ وما بعده من الآيات وصف للمتقين المعدّ لهم الجنة في علم الله من فضله.
٨٧١ - (وأما الأحاديث: فالأول عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بادروا بالأعمال فتناً) أي: ائتوا بالعمل الصالح وابتدروا إليه قبل ظهور المانع منه من الفتن، فهو قريب من حديث «اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك» ثم وصف الفتن المانعة من كمال العمل أو من أصله بأنها (كقطع) بسكر ففتح جمع قطعة: أي: طائفة من (الليل المظلم) أي: كلما ذهب ساعة منه مظلمة عقبتها ساعة مثل ذلك. قال في «النهاية» : أراد فتنة سوداء تعظيماً لشأنها اهـ. وفي الحديث إشارة إلى تتابع الفتن المضلة أواخر الزمان وكلما انقضى منها فتنة أعقبتها أخرى. وقانا الله من الفتن بمنه وكرمه (يصبح الرجل مؤمناً) أي: باقياً على إيمانه الذي كان عليه (ويمسي) بضم التحتية فيه وفي يصبح (كافراً) يحتمل الكفران بالنعم لما يداخله من المعاصي المبعدة من ساحة الشكر. ويحتمل الكفر الحقيقي، قال القرطبي: ولا يمتنع حمله على ذلك لأن الفتن إذا تراكمت أفسدت القلب وأورثته القسوة والغفلة التي هي سبب الشقاء. (ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً. يبيع دينه بعرض) بفتح الراء: أي: متاع وحطام (من الدنيا) استئناف بياني: أي: أن سبب كفره بيعه: أي أخذه العرض في مقابلة دينه، بأن يأخذ أو يستحل مال أخيه المسلم أو يستحلّ الربا والغشّ أو نحوه مما أجمع على تحريمه وعلم من الدين بالضرورة.
قال القرطبي: ففي الحديث التمسك بالدين (رواه مسلم) ورواه أحمد