بالمصيبة ثم بأشد منها، وذلك ليتدرج العبد من الأخفّ إلى الأشد، إذ لو فاجأه الأشد ابتداء ربما عجز عن حمله بخلافه بعد التدرّج من الأخف إليه. ولا يشكل على ما ذكره وجود زمان عمربن عبد العزيز بعد زمان الحجاج، لما روي أن الحسن البصري سئل عن ذلك؟ فقال: لا بد للناس من زمان يتنفسون فيه.
وفي «التوشيح» : حمل الأكثر حديث الباب على الأكثر الأغلب. وأجاب آخرون بأن المراد تفضيل مجموع كل عصر على مجموع العصر الذي بعده، فإن زمن الحجاج كان فيه كثير من الصحابة وقد انقرضوا في زمن عمربن عبد العزيز، والزمن الذي فيه الصحابة خير من الزمن الذي بعده اهـ.
وحاصل الأمر أن الوقت سيف إن لم تقطعه بصالح العمل: وانتظرت الفراغ من سائر الأتعاب، قطعك وذهب عليك أنفس الأشياء بلا فائدة، وا المستعان، ويستمر توارد الأهوال وتعاقب الأحوال عليكم (حتى تلقوا ربكم) فلا راحة للمؤمن دون لقاء ربه. ولا يشكل على هذا الحديث حديث النسائي «أمتى كالمطر لا يدرى أولها خير أم آخرها» لأن ما في حديث الباب باعتبار الزمان كما تقدم وذلك باعتبار أهله، وعطايا الله تعالى غير مختصة بزمن دون زمن، فكم وجد في الأزمنة الأخيرة من هو خير من كثير ممن تقدم في الأزمنة: كالأئمة العلماء العاملين الذين لا يزالون على الحق ظاهرين، وكالأولياء والصالحين الذين بهم يرفع البلاء عن العالمين وتدرّبهم البركات وينتظم بهم شمل الأوقات (سمعته) أي: ما حدثتكم به (من نبيكم) أضافه إليهم ليخف عنهم ألم ما يكابدونه من المشاق (. رواه البخاري) وفي الأربعين للماليني عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «لا يزداد الأمر إلا شدة، والدنيا إلا إدباراً، والناس إلا شحاً، ولا مهديّ إلا عيسى ابن مريم، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس» .
٩٣٧ - (السابع: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بادروا) سابقوا: أي اسبقوا بالاشتغال (بالأعمال) الصالحة (سبعاً) من الأحوال الطارئة المشغلة واهتموا بالأعمال الصالحة قبل حصولها وحذف التاء لكون المعدود مؤنثاً أو لحذفه (هل تنتظرون إلا فقراً