للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بضمها (وحاجته) أي: ما يحتاج إليه من لباس وغيره (فقال: سلني) حاجة أتحفك بها في مقابلة خدمتك لأن هذا شأن الكرام ولا أكرم منه. ويؤخذ من إطلاقه السؤال أن الله تعالى مكنه من إعطاء كل ما أراد من خزائن الحق، ومن ثم أعدّ أئمتنا من خصائصه أن يخص من شاء بما شاء: كجعله شهادة خزيمة بشاهدين رواه البخاري، وإباحة النياحة لأم عطية في آل فلان خاصة رواه مسلم. (فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة) أي: أن أكون معك فيها قريباً منك متمتعاً بنظرك وقربك حتى لا أفارقك، فلا يشكل حينئذٍ بأن منزله: الوسيلة وهي خاصة به عن سائر الأنبياء فلا يساويه في مكانه منها نبيّ مرسل فضلاً عن غيرهم لأن المراد أن تحصل له مرتبة من مراتب القرب التام إليه فكنى عن ذلك بالمرافقة (فقال أو) تسأل (غير ذلك) لأنه أهون فأو عاطفة ويصح فتح الواو فالهمزة

للاستفهام داخلة على فعل دل عليه السياق: أي أترجع عن سؤالك هذا لأنه مشتق لا تطيقه ولا تسأل غيره مما هو أهون منه (قلت: هو) أي مسئولي (ذاك) الذي ذكرته لا غيره فلا أرجع عنه وإن كان مشقاً، وعبر عنه بذلك الموضوع للبعيد ليدله على بعد هذه المرتبة وعزتها وأنها لا تحصل بالهويني، فعدل عنها السائل إلى «ذاك» الدالة على القرب بالنسبة لذلك ليعلم بأنه مصمم على أن مسئوله غير مستبعد له على امتثال كل ما يؤمر به لأجله، فلما علم صدقه وقوة عزمه (قال) له (أعني) حينئذٍ (على نفسك) المتخلفة بطبعها عن السعي في نيل المعالي لميلها إلى الدعة والرفاهية والشهوات والبطالات، وفي قوله: «أعني» إشارة إلى أنه كان مجتهداً أي اجتهاده في اصلاحه كغيره وأنه الطبيب الساعي في شفائه، والطبيب يحتاج لمساعدة المريض بتعاطيه ما يصفه له (بكثرة السجود) المحصل لنيل مرتبة القرب المطهر للنفس عن خبائثها المخرج لها عن شهواتها وعاداتها، وببعدك عن هذه النقائص المؤدي إلى دوام المراقبة يحصل الرقي إلى المرافقة والمجاورة. وفي «شرح المشكاة» لابن حجر: فمن كثرة سجوده حصلت له تلك الدرجة العلية التي لا مطمع في الوصول إليها بمزيد الزلفى عند الله في الدنيا بكثرة السجود المومأ إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>