١٠٩ - (الخامس عشر: عن أنس رضي الله عنه قال: غاب عمي) أي: أخو والدي؛ إذ هو أنسبن مالكبن النضر وعمه (أنسبن النضر رضي الله عنه عن قتال بدر) الإضافة لأدنى ملابسة: أي الكائن فيها، وبدل المحل المعروف، قيل سمي باسم بئر ثم، وقيل: لغير ذلك (فقال) متحسراً (يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتل المشركين) صفة قتال والعائد محذوف أي فيه (لئن) اللام موطئة للقسم المحذوف أي وا لئن، و (ا) فاعل لفعل محذوف هو فعل الشرط وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه (أشهدني) أحضرني (قتال المشركين) يحتمل أن يكون مضافاً لفاعله، وأن يكون مضافاً لمفعوله، وحذف الضمير الدال عليه تنزيهاً له أن يذكر في مقابلتهم (ليرين الله ما أصنع) جواب القسم والنون للتوكيد.
قال القرطبي في «المفهم» : هذا الكلام يتضمن أنه ألزم نفسه إلزاماً مؤكداً هو الإبلاغ في الجهاد والانتهاض فيه والإبلاغ في بذل ما يقدر عليه، ولم يصرح بذلك مخافة ما يتوقع من التقصير في ذلك وتبرياً من حوله وقوته، ولذا قال في رواية:«فهاب أن يقول غيرها» ومع ذلك نوى بقلبه وصمم على ذلك بصحيح قصده ولذا سماه الله عهداً فقال: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}(الأحزاب: ٢٣) اهـ (فلما كان يوم أحد) برفع يوم على أن «كان» تامة وبنصبه على الظرفية والمعنى: يوم قتال أحد، أو أراد باليوم الوقعة (انكشف المسلمون) بما وقع لهم من ترك منازلهم التي أنزلهم النبي فيها حال النصافّ للحرب ونهاهم عن التحول عنها فلما انكسر المشركون وانهزموا نزل بعض أولئك الأقوام عن تلك المنازل فكان في المخالفة سبب انهزامهم.
(فقال) أنس: (اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء: يعني أصحابه) المسلمين من الفرار (وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء: يعني المشركين) من قتال النبي ومن معه من المؤمنين (ثم تقدم) إلى القتال (فاستقبله سعدبن معاذ) منهزماً (فقال يا سعد) يجوز ضمه وفتحه، لأنه وصف بقوله:(ابن معاذ) ويتعين