للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذا حتى يشيب الغراب، ومنه قولهم: البليغ لا ينقطع حتى ينقطع خصومه، لأنه لو انقطع حين ينقطعون لم يبق له عليهم مزية. وهذا المثال أشبه مما قبله، لأن شيب الغراب ليس ممكناً عادة بخلاف الملل من العابد. وقال المازري: حتى بمعنى الواو؛ والمعنى: أن الله لا يملّ وتملون، فنفاه تعالى عنه وأثبته لهم. وقيل: حتى بمعنى حين، والأولى أليق وأجري على القواعد وهو أنه من باب المقابلة اللفظية (وكان أحب الدين إليه) عند المستملي «إلى ا» وهو يدل على أن الضمير في إليه تعالى.g والأكثر على أنه لرسوله، ولا منافاة بينهما فإن ما كان أحبّ إلى الله كان أحبّ إلى رسوله (ما داوم صاحبه عليه) قال ابن العربي: معنى المحبة من الله تعالى تعلق الإرادة بالثواب: أي: أكبر الأعمال ثواباً أدومها.

قال المصنف: بدوام القليل تستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على الله بخلاف الكثير الشاق حتى ينمو القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافاً كثيرة اهـ. قال ابن الجوزي: إنما أحبّ العمل الدائم، لأن مداوم الخير ملازم للخدمة، وليس من لازم وقتاً في كل يوم كمن لازم يوماً وانقطع شهراً، ولأنه بتركه العمل بعد دخوله فيه كان كالمعرض بعد الوصل فهو متعرّض للذم والعضل اهـ ملخصاً (متفق عليه) . و (مه) بسكون الهاء إذا كان النهي عن أمر معين وبكسرها منونة إذا كان عن غير معين (كلمة نهي وزجر. ومعنى لا يمل ا) أي: المعنى لا مدلول اللفظ لما قد عرفت، وكأنه أشار إلى ذلك بالإتيان بأي في قوله: (أي: لا يقطع ثوابه عنكم وجزاء أعمالكم ويعاملكم معاملة المالّ حتى تملو فتتركوا، فينبغي لكم) إذا عرفتم ما يترتب على العمل الشاق من الانقطاع (أن تأخذوا ما تطيقون الدوام عليه) من العمل الصالح وإن قلّ (ليدوم ثوابه) عليه (لكم و) يستمر (فضله عليكم) لدوام تفضله بجعله سبباً له.

١٤٣٢ - (وعن أنس رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط) قال شيخ الإسلام زكريا في «تحفة

<<  <  ج: ص:  >  >>