للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسقط التكليف به، وكون الداعي للمعصية قد يقوى حتى لا يستطاع الكفّ عنها نادر لا يعوّل عليه، وخرج بقوله ما دام الخ نحو أكل الميتة للمضطر وشرب المسكر لإساغة اللقمة لعدم النهي عنه

حينئذٍ (وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) أي: أطقتم لأن فعله هو إخراجه من العدم إلى الوجود، وذلك متوقف على شروط وأسباب كالقدرة على الفعل ونحوها وبعضها يستطاع وبعضها لا يستطاع فكان التكليف بما يستطاع منه لأن الله تعالى أخبر أنه لا يكلف نفساً إلا وسعها.

قال المصنف: وهذا الحديث موافق لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} (التغابن: ١١٦) ولتوقف المأمور به على فعل بخلاف المنهي عنه فإنه كف محض، قال في ذاك (فأتوا منه ما استطعتم) وفي هذا (فاجتنبوه) وهذا من قواعد الإسلام المهمة، ومما أوتيه من جوامع الكلم، لأنه يدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام وبه أو بالآية الموافقة له يخص عموم قوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (الحشر: ٧) وحديث أحمد في «مسنده» عن عبد ابن عمرو مرفوعاً من جملة حديث قال فيه: «انظروا الذي أمرتم به فاعملوا به، والذي نهيتم عنه فانتهوا عنه» فمن عجز عن ركن أو شرط لنحو وضوء أو صلاة أو قدر على غسل أو مسح بعض أعضاء الوضوء أو التيمم أو على بعض الفاتحة أو إزالة بعض المنكر أتى بالممكن وصحت عبادته (متفق عليه) ورواه أحمد وقال: «فأتمروا ما استطعتم» وله طرق عن أبي هريرة ورواه الترمذي وأبو عوانة وابن حبان، وقد بسط طرقه وتخاريجه الحافظ السخاوي في تخاريج الأربعين للمصنف.

١٥٧ - (الثاني: عن أبي نجيح) بفتح النون وكسر الجيم وسكون التحتية بعدها مهملة (العرباض) بكسر المهملة وسكون الراء وبعدها موحدة وآخره ضاد معجمة وأصله الطويل (ابن سارية) بمهملتين بينهما ألف وبعد الراء تحتية خفيفة السلمي من أهل الصفة وهو أحد البكائين، وكان يقول إنه رابع الإسلام (رضي الله عنه) في «التهذيب» للمصنف.

قال محمدبن عوف الحمصي: كل واحد من العرباضبن سارية وعمروبن عنبسة كان يقول: أنا رابع الإسلام. أي رابع من أسلم، ولا يدرى أيهما أسلم قبل صاحبه اهـ. نزل الشام وسكن حمص ومات في فتنة ابن الزبير رضي الله عنهما ويقال سنة خمس وسبعين.

قال ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>