أكثرهم في امتثال ما يصدر عنه، ومن ثم مثل جابر حاله في إنذاره بمجيء القيامة وقرب وقوعها وتهالك الناس فيما يؤذيهم بحال من ينذر قومه عند غقلتهم بجيش قريب منه يقصد الإحاطة بهم بغتة من كل جانب بحيث لا يقرب منهم أحد فقال:(حتى كأنه منذر جيش) أي: مخبر بجيش العدو الذي يخاف (يقول) في إنذاره لهم فهو صفة منذر (صبحكم) العدو مغيراً عليكم (ومساكم) كذلك فاحتفظوا منهـ فكما أن هذا لشدة اعتنائه بحال قومه يرفع صوته وتحمرّ عيناه ويشتدّ غضبه من تغافلهم عما يستأصلهم ويهلكهم كذلك حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لشدة حرصه على أمته وعظم رأفته ورحمته بهم وخوفه عليهم من الساعة وأهوالها، ومن ثم عقب ذلك جابر بقوله عطفاً على كأنه (ويقول بعثت أنا) أكد به ليصح العطف (والساعة كهاتين) بالرفع والنصب قال المصنف: والمشهور النصب على المفعول معه.
قال القاضي عياض: يحتمل أنه تمثيل لمقاربتهما وأنه ليس بينهما أصبع أخرى، كما أنه لا نبيّ بينه وبين الساعة، ويحتمل أنه لتقريب ما بينهما من المدة كنسبة التقارب بين الأصبعين تقريباً لا تحذيراً (ويقرن) بضم الراء على المشهور الفصيح وحكي كسرها (بين أصبعيه) تثنية أصبع وفيه عشر لغات تثليث الهمزة والموحدة والعاشرة أصبوع (السبابة) سميت بذلك لأنهم كانوا يشيرون بها عند السب (والوسطى، ويقول: أما بعد) فيه استحباب قولها في خطب الوعظ والجمع والعيد وغيرها وكذا في خطب الكتب المصنفة واختلف في أول من تكلم بها وتقدم بسطه في خطبة الكتاب (فإن خير الحديث كتابالله، وخير الهدي محمد) قال العلقمي: هو بضم الهاء وفتح الدال فيهما وبفتح الهاء وسكون الدال أيضاً كذا جاءت الرواية بالوجهين.
وقال القاضي عياض: روينا في مسلم بالضم وفي غيره بالفتح، وفسره النووي على رواية الفتح بالطريق: أي أحسن الطرق طريقه، وعلى رواية الضم بالدلالة والإرشاد وهو الذي يضاف إلى الرسل والقرآن والعباد، قال تعالى:{وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}(الشورى: ٥٢) وقال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوام}(الإسراء: ٩) أما الهداية بمعنى اللطف والتأييد فتفرد بها سبحانه ومنه قوله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}(القصص: ٥٦) اهـ ملخصاً (وشرّ الأمور محدثاتها) أي: ما