مرتب على إتمام التجهيز وهو المراد بقوله حتى يستقل، وأنه يستوي معه في الأجر إلى أن تنقضي تلك الغزوة اهـ. ثم قال في أثناء كلام: لكن من يجهز الغازي بماله مثلاً وكذا من يخلفه فيمن يتركه بعده يباشر شيئاً من المشقة أيضاً، فإن الغازي لا يتأتى منه الغزو إلا بعد أن يكفي ذلك العمل فصار كأنه يباشر معه الغزو، بخلاف من اقتصر على النية مثلاً أي: حصل له أجر سبب الغزو، وهذا الأجر يحصل بكل جهاز سواء قليله وكثيره، ولكل خالف في أهله بخير من قضاء حاجة لهم أو إنفاق عليهم أو ذبّ عنهم أو مساعدتهم في أمرهم، ويختلف قدر الثواب بقلة ذلك وكثرته.
قلت: وبه يعلم أن ما أفاده حديث ابن ماجه من ترتبت الأجر على تمام التجهيز المراد به كمال الأجر ودوامه المشار إليه بقوله حتى يرجع إليه لا أصله، فهو حاصل بما فعل من التجهيز وإن قل.
١٧٨٢ - (وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث) أي: أراد أن يبعث (بعثاً إلى بني لحيان) بكسر اللام وفتحها والكسر أشهر، بطن (من هذيل) إذ هو لحيانبن هذيلبن مدركةبن إلياسبن مضر.
قال المصنف في «شرح مسلم» واتفق العلماء على أن بني لحيان كانوا في ذلك الوقت كفاراً، فبعث إليهم بعثاً يغزوهم (فقال) لذلك البعث (لينبعث من كل رجلين أحدهما) مراده كما قال المصنف من كل قبيلة نصب عددها (والأجر) أي مجموع الحاصل للغازي والخالف له بخير (بينهما) فهو بمعنى قوله في الحديث قبله: «ومن خلف غازياً فقد غزا» وأما حديث مسلم: «أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج» .
فقال القرطبي: لفظة نصف تشبه أن تكون مقحمة: أي مزيدة من بعض الرواة.
وقال العلقمي: لا حاجة لدعوى زيادتها بعد ثبوتها في الصحيح. والذي يظهر في توجيهها أنها إنما أطلقت بالنسبة إلى مجموع الثواب الحاصل للغازي والخالف له بخير، فإن الثواب إذا قسم بينهما نصفين كان لكل منهما مثل ما للآخر فلا تعارض بين الحديثين.
قلت: إلا أنه على هذا التوجيه يكون فيه حذف، وعلى توجيه القرطبي تكون فيه زيادة والله أعلم. ثم قوله والأجر بينهما محمول على ما إذا خلف المقيم الغازي في أهله بخير كما تقدم في الحديث قبله وصرح به باقي الأحاديث (رواه مسلم) .