وإجلال أهلها لانتسابهم إليها، والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه، ومحبة آله وأصحابه، وبغض أهل البدع في السنة والمتعرضين لأحد من الصحابة (ولأئمة المسلمين) وهي بمعاونتهم على الحق وطاعتهم وأمرهم به، وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبالغوا من حقوق المسلمين، وترك الخروج عليهم، وتألف قلوب المسلمين لطاعتهم، وألا يغرّوا بالثناء الكاذب عليهم ويدعى لهم بالصلاح، هذا كله بناء على أن المراد بهم الخلفاء وغيرهم ممن يقوم بأمر المسلمين، وهذا هو المشهور، وحكاه الخطابي.
ثم قال: وقد يتأول ذلك على الأئمة الذين هم علماء الدين، ومن نصيحتهم قبول ما رووه وتقليدهم في الأحكام وإحسان الظن بهم (وعامتهم) أي: من عدا ولاة الأمر ونصيحتهم بإرشادهم لمصالحهم في دنياهم وأخراهم، وإعانتهم عليه بالقول والفعل، وستر عوراتهم وسد خلاتهم، ودفع المضارّ عنهم وجلب المنافع إليهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق، وأن يحبّ لهم ما يحبّ لنفسه، ويذبّ عن أنفسهم وأموالهم وأعراضهم بالقول والفعل، ويحثهم على التخلق بجميع ما ذكرنا من أنواع النصيحة، وقد كان في السلف من تبلغ به النصيحة إلى الإضرار بدنياه.
قال ابن بطال: وهذا الحديث يدل على أن النصيحة تسمى ديناً وإسلاماً، وأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول، والنصيحة فرض يجزى فيه من قام به ويسقط عن الباقين، وهي لامةٌ على قدر الحاجة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه، فإذا خشي أذًى فهو في سعة اهـ (رواه مسلم) .
قال السخاوي في تخريج الأربعين الحديث: ورواه الإمامان الشافعي وأحمدبن حنبل وأخرجه النسائي وابن خزيمة في «صحيحه» وله طرق كثيرة.
١٨٢ - و (الثاني: عن جريربن عبد الله رضي الله عنه) البجلي تقدمت ترجمته في باب المحافظة على السنة (قال: بايعت النبي على إقام الصلاة) أصله إقامة فحذفت التاء عند الإضافة تخفيفاً، والمراد الإتيان بالمكتوبات مستكملة الفرائض والسنن والآداب (وإيتاء الزكاة) المفروضة (والنصح) بضم النون مصدر نصح، يقال: نصحته ونصحت له وباللام أفصح