(رسول الله) بالنصب والرفع؛ وأطلق على المعاهدة المبايعة لأن كلاً من المتعاهدين يمد يده للآخر لأخذ العهد كما أن كلاً من المتبايعين يمدّ يده لصاحبه. وقيل: سميت مبايعة لما فيها من المعاوضة لما وعدهم الله من عظيم الجزاء قال تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}(التوبة: ١١١)(على السمع والطاعة) لولاة الأمر (في العسر واليسر) بضم أوليهما وضم الأول وسكون الثاني لغتان فيما كان على هذا الوزن كما في «الصحاح» وتقدمت الإشارة إليه (والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا) معطوف على السمع: أي: بايعنا على استئثار
الأمراء بحظوظهم وتخصيصهم إياها بأنفسهم. قال المصنف: أي بايعناه على الطاعة فيما يشقّ وتكرهه النفوس وغيرها مما ليس بمعصية، فإن كانت معصية فلا سمع ولا طاعة كما جاء في أحاديث أخر فيحمل المطلق عليها، وثمرة الطاعة في جميع ما ذكر اجتماع كلمة المسلمين فإن الخلاف سبب لفساد أمر الدين، والأثرة بفتح الهمزة والثاء المثلثة، ويقال بضم الهمزة وكسرها وسكون الثاء فيهما ثلاث لغات حكاهن في «المشارق» وغيره وهي كما سيأتي في الأصل: الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا. قال القرطبي: وكأن هذا القول خاص بالأنصار، وقد ظهر أثر ذلك يوم حنين حيث آثر النبي قريشاً بالفىء ولم يعط الأنصار منه شيئاً، وفيه تنبيه على أن الخلافة في غيرهم وقد صرح به في قوله:(وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا) من ذي الأمر (كفراً بواحاً) هكذا هو لمعظم الرواة وفي معظم النسخ، وهو من باح الرجل بالشيء يبوح به بوحاً وبواحاً: إذا أظهره، وفي بعضها براحا بالراء.
قال القرطبي: وهي رواية أبي جعفر، من قولهم برح الخفاء: أي ظهر. قال ثابت: ورواه النسائي بواحاً وبووحاً وهي بمعناه ما زادت من المبالغة. قال المصنف: والراد بالكفر هنا المعاصي (عندكم فيه من الله تعالى برهان) أي: حجة بينة وأمر لا شك فيه: أي: بل تعلمونه من دينالله. ومعنى الحديث: لا تنازعوا ولاة الأمور في أمورهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكراً محققاً تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأنكروه عليهم وقوموا بالحق حيثما كنتم. وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام