( {وكانوا يعتدون} ) يجوز أن يكون معطوفاً على عصوا فيكون داخلاً في صلة «ما» أي: بعصيانهم وكونهم معتدين ويجوز أن يكون إخباراً من الله تعالى أن شأنهم الاعتداء ( {كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه} ) ظاهره التفاعل بمعنى الاشتراك: أي: لا ينهي بعضهم بعضاً، وذلك أنهم جمعوا بين فعل المنكر والتجاهر به وعدم النهي عنه والمعصية إذا فعلت وقدّرت على العبد ينبغي أن يسترها، فإذا فعلت جهرة وتواطئوا على عدم إنكارها أو ما في معناها مما ذكر عن بني إسرائيل في الخير كان ذلك تحريضاً على فعلها وسبباً مثيراً لإفشائها ( {لبئس ما كانوا يفعلون} ) تعجب من سوء فعالهم مؤكد باللام.
قال في «الكشاف» : يا حسرة على المسلمين في إعراضهم عن باب التناهي عن المنكر وقلة عنايتهم به، كأنه ليس من خلة الإسلام مع ما يتلون من كتاب الله تعالى وما فيه من المبالغات في هذا الباب (ترى) بصرية ويحتمل أن تكون قلبية ( {كثيراً منهم} ) أي: بني إسرائيل ( {يتولون الذين كفروا} ) قيل: المراد به كعببن الأشرف وأصحابه الذين استجاشوا المشركين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( {لبئس ما قدمت لهم أنفسهم} ) أي: لبئس سبباً قدموه ليردوا عليه يوم القيامة ( {أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون} ) هو المخصوص بالذم، والمعنى موجب سخط الله والخلود في العذاب أو علة الذم، والمخصوص محذوف: أي: لبئس شيئاً ذلك لأن كسبهم السخط والخلود كذا في البيضاوي تبعاً «للكشاف» . وتعقبه في الإعراب الأول في «النهر» بأنه لا يأتي على مذهب سيبويه من أن «ما» معرفة تامة بمعنى الشيء فعليه فالجملة بعد صفة للمخصوص المحذوف والتقدير: ولبئس الشيء شيئاً قدمت لهم أنفسهم فيكون على هذا «أن سخط» في موضع رفع على البدل من المخصوص المحذوف أو على أنه خبر مبتدأ محذوف: أي: هو أن سخط ( {ولو كانوا يؤمنون با والنبي} ) يعني نبيهم. وإن كانت الآية في المنافقين فالمراد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ( {وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء} ) إذ الإيمان الصحيح يمنع ذلك ( {ولكن كثيراً منهم} ) من ذلك الكثير ( {فاسقون} ) خارجون عن دينهم أو تمردوا في النفاق: أي: وقليل منهم قد آمن (ثم قال) : (كلا) حقا (وا لتأمرنّ) بضم الراء (بالمعروف) شرعاً (ولتنهونّ) بفتح الهاء وضم واو الجمع الفاعل (عن المنكر) شرعاً (ولتأخذنّ) بضم الذال