قال في «التوشيح» : كأنه شيء ذكره النبي فتحدثوا به، وما فهموا أن المراد بالوداع وداع النبي حتى وقعت وفاته بعد ذلك بقليل فعرفوا بذلك، وأشار إلى ذلك بما تضمنه قوله:(حتى حمد ا) بالنصب على المفعولية وتقديمه للاختصاص (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأثنى عليه) يحتمل أن يكون من عطف الرديف وأن يكون من عطف المغاير أي: حمد الله بأوصاف الكمال وأثنى عليه بتنزيهه عما لا يجوز عليه (ثم ذكر المسيح) بفتح الميم وكسر السين المهملة مخففة وبالحاء المهملة (الدجال) أي: المبالغ في الكذب بادعائه الإحياء والإماتة وغيرهما مما يقطع كل عاقل فضلاً عن مؤمن بكذبه فيه، والمسيح إذا أطلق ينصرف لسيدنا عيسى عليه السلام ويطلق على الدجال لكن مقيداً به كما هنا.
وقال أبو داود: إنه في الدجال بتشديد السين وفي عيسى بتخفيفها والأول هو المشهور. وقيل يقال في كل منهما بالتشديد والتخفيف، ولقب به الدجال قيل لأنه ممسوح العين فإن إحدى عينيه ممسوحة، وقيل لأن أحد شقي وجهه خلق ممسوحاً لا عين ولا حاجب فيه، وقيل لأنه ممسوح من كل خير: في مبعود ومطرود، وعلى كل حال فهو فعيل بمعنى مفعول، وقيل: بل هو بمعنى فاعل، ولقب به لأنه يمسخ معظم الأرضين: أي يقطعها في أيام معدودة. وقيل: إنه بالخاء المعجمة ونسب قائله إلى التصحيف.
وقال ابن دحية في «مجمع البحرين» : إنه خطأ، وقيل: إنه مسيح بوزن مسكن بكسر ثالثة.
وقال أبو عبيدة: أظنه بالشين المعجمة كما تنطق به اليهود ثم عرّب (فأطنب في) بيان (ذكره) محذراً من فتنته لعظمها (وقال: ما بعث ا) أي: أرسل (من نبيّ) أي رسول إذ هو الذي ينذر قومه ومن مزيدة لاستغراق العموم (إلا أنذر أمته) منه وأعلمهم ببعض أوصافه (أنذره نوح) أي: أنذر منه نوح قومه (والنبيون من بعده) أممهم ففيه حذف المفعول وجملة أنذر نوح لتفصيل ما قبلها (وإنه إن يخرج فيكم) إذ لا أمة بعدكم ولا بد من خروجه، فإذا لم يخرج في الأمم السابقة فلم يبق إلا خروجه في هذه الأمة بعدكم ولا بد من خروجه، فإذا لم يخرج في الأمم السابقة فلم يبق إلا خروجه في هذه الأمة (فما) شرطية: أي فأي شيء (خفي عليكم من) للتبعيض أي بعض (شأنه فليس يخفى عليكم، أن ربكم ليس بأعور) أن ومعمولاها فاعل يخفى لكن رأيته مضبوطاً بالقلم في أصل مصحح بكسر الهمزة ولعل الإسناد للجملة: أي لا يخفى