للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذهبي في «التجريد» : روي له ثلاثة أحاديث. قلت: ذكر ابن حزم في سيرته وابن الجوزي في «المستخرج» المليح أبا أمامة الحارثي فيمن له حديثان، وانفرد مسلم عن البخاري بالرواية عنه فروي له حديث الباب، توفي منصرف النبيّ من أحد فصلى عليه. قال ابن الأثير في «أسد الغابة» : على أن الصحيح أنه لم تكن وفاته مرجع النبي من أحد، وإنما كانت وفاة أمه عند منصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر، فأراد الخروج معه فمنعه مرضها من شهود بدر. ومما يقوي أنه لم يقتل بأحد أن مسلماً يروي في «صحيحه» بإسناده عن عبد ابن كعب عن أبي أمامةبن ثعلبة «من اقتطع حق مسلم» الحديث، فلو كان مات بأحد لكان منقطعاً: أي: لأن عبد ابن كعب لم يدرك النبيّ ولم يخرّجه مسلم في «الصحيح» اهـ.

قال المصنف في «شرح مسلم» : ولقد أحسن أبو البركات الجزري المعروف بابن الأثير في كتاب معرفة الصحابة حيث أنكر هذا القول في وفاته (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من اقتطع) أي: أخذ (حق امرىء مسلم بيمينه) دخل فيه من حلف على غير مال كجلد ميتة وسرجين وغير ذلك من النجاسات التي ينتفع بها، وكذا سائر الحقوق التي ليست بمال كحد القذف ونصيب الزوجة في القسم، والتقييد بالمسلم لا يدل على عدم تحريم مال الذمي، بل إنما يدل على هذا الوعيد المذكور في قوله: (فقد أوجب الله له النار وحرّم عليه الجنة) فاقتطاع مال الذمي حرام؛ لكن لا يلزم أن تكون فيه هذه العقوبة العظيمة، هذا على مذهب من يقول بالمفهوم، أما من لا يقول بالمفهوم فلا يحتاج إلى تأويل، ثم قوله: «فقد أوجب ا» الخ محمول على المستحل لذلك وقد مات كذلك فإنه يكفر ويخلد في النار، ومعناه: أنه استحق هذا ويجوز العفو عنه وحرّم عليه دخول الجنة أول وهلة مع الفائزين، قاله المصنف، قال: وهذا الوعيد لمن مات قبل التوبة: أما من تاب توبة صحيحة فندم على فعله وردّ الحق إلى صاحبه فقد سقط عنه الإثم (فقال) أي: أبو أمامة، ويحتمل أن يكون فقال بعض من حضر (وإن كان) أي: المقتطع (شيئاً يسيراً يا رسولالله، فقال) (وإن كان قضيباً من أراك) قال المصنف: هكذا هو في بعض الأصول أو أكثرها، يعني وإن قضيت بالرفع، وفي كثير منها «وإن قضيبا» على أنه خبر كان المحذوفة أو أنه مفعول الفعل محذوف تقديره: وإن اقتطع اهـ والأراك: شجر معروف يستاك بأعواده بل هو أفضل ما يستاك به كما سيأتي إن شاء الله تعالى في باب فضل السواك، وما أحسن قول من قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>