أحبّ إليّ منك، فهذا الكذب جائز لعظم المصلحة المترتب عليه على محظور الإخبار بخلاف الواقع. وكذا يجوز الكذب لتخليص محترم، بل يجب على من سئل عن محترم قصد سائله عن إهلاكه أن يخفيه ولو باليمين، وليس في الحديث ما يدل على الحصر. وقال قوم: لا يجوز ذلك إلا بطريق التورية، وهي أن يريد المتكلم بكلامه خلاف ظاهره كأن يقول فعل فلان كذا وينوي إن قدر، ويقول في الحرب: مات كبيركم ويريد بعض المتقدمين منهم. قال الدماميني في «حاشية البخاري» : وليس في الحديث ما يقتضي جواز الكذب، فإنه قال:«ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس» وسلب الكذب عن المصلح لا يستلزم كون ما يقوله كذباً لجواز أن يكون صدقاً بطريق
التصريح أو التعريض اهـ.
٢٥٠٣ - (وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوت خصوم بالباب) أفرد صوت المضاف مع تعدده في نفس الأمر لتعدد المضاف إليه لكونه لمح فيه كونه مصدراً في الأصل. قال في «الصحاح» : قد صات الشيء يصوت صوتاً اهـ. فيكون هذا نظير إفراد السمع في قوله تعالى:{ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم}(البقرة: ٧) على أحد الوجوه في الآية أو لاختلاط أصواتهم وعدم تمايزهم فصارت كالصوت الواحد لإدراك حاسة السمع لها رفعة (عالية) بالجرّ على أنه صفة خصوم، وبالنصب على أنه حال من أصواتها كذا في نسخة مكتوب على ضمير التثنية رمز صحّ. وفي رواية البخاري «أصواتهم بصيغة الجمع» . قال في «فتح الباري» : كأنه جمع باعتبار من حضر وثنى باعتبار الخصمين، أو كان التخاصم من الجانبين بين جماعتين فجمع باعتبار ذلك وثنى باعتبار جنس الخصم، وليس فيه حجة لمن جوّز إرادة صيغة الجمع بالاثنين، كما زعم الشراح. قلت: يعني به الكرماني (وإذا أحدهما يستوضع الآخر) أي يطلب منه الوضيعة: أي الحطيطة من الدين (ويسترفقه) أي يطلب منه الرفق (في شيء) قال الحافظ في «فتح الباري» : وقع في رواية ابن حبان بيان ذلك الشيء قال فيأول الحديث «دخلت امرأة على النبي فقالت: إني ابتعت أنا وابني من فلان تمراً فأحصيناه لا والذي أكرمك بالحق ما أحصيناه منه إلا ما نأكله في بطوننا أو نستطعمه مسكيناً وجئنا نستوضعه ما نقصنا» الحديث. قال الحافظ: ولم أقف على اسم أحد من المتبايعين وهي غير قصة كعب بن