للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة ولم آتك فمر أبا بكر فلصلّ بالناس، فلما حضرت» الحديث، ونحوه للطبراني، ولا يخالف هذا قوله لأبي بكر «هل لك أن تؤم الناس» لأنه يحمل على أنه استفهمه هل تبادر أول الوقت أو تنتظر مجيء النبي، ورجح عند أبي بكر

المبادرة لأنها فضيلة محققة فلا تترك لفضيلة متوهمة (فأقام بلال وتقدم أبو بكر فكبر) وفي رواية للبخاري «فاستفتح أبو بكر الصلاة» . قال في «فتح الباري» : وبهذا يجاب عن الفرق بين المقامين حيث امتنع أبو بكر هنا أن يستمرّ إماماً، وحيث استمرّ في مرض موته حين صلى خلفه الركعة الثانية من الصبح كما صرح به موسى بن عقبة في «المغازي» ، وكأنه لما مضى معظم الصلاة حسن الاستمرار، ولما لم يمض منها إلا اليسير لم يستمر، وكذا وقع لعبد الرحمن بن عوف حيث صلى النبي خلفه الركعة الثانية من الصبح فإنه استمر

إماماً لهذا المعنى، وقصة عبد الرحمن عند مسلم (وكبر الناس وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي في الصفوف) زاد البخاري في رواية: يشقها شقاً (حتى قام في الصف) أي الأول كما في رواية له أيضاً، ولمسلم «فخرق الصفوف حتى قام عند الصفّ المقدم» (فأخذ الناس في التصفيق) قيل إنه مرادف للتصفيح، وقيل لا وهو الراجح (وكان أبو بكر رضي الله عنه) لعلمه بالنهي عن الالتفات في الصلاة وأنه خلسة من الشيطان يختلسها من صلاة العبد كما جاء ذلك في الخبر المرفوع (لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس) أي من التصفيق كما في رواية للبخاري وفي رواية أخرى «فلما رأى التصفيق لا يمسك عنه» (التفت فإذا رسول الله) أي حاضر فالخبر محذوف (فأشار إليه رسول الله) أي بالمكث في مقامه، وفي رواية للبخاري في كتاب الإمامة «فأشار إليه أن امكث مكانك» . قال الحافظ في «الفتح» : وفي رواية عمر بن علي: فدفع في صدره ليتقدم فأبى (فرفع أبو بكر يده) في البخاري من باب الإمامة يديه بالتثنية (فحمد الله) ظاهره أنه تلفظ بالحمد لكن في رواية الحميدي عن سفيان «فرفع أبو بكر رأسه إلى السماء شكراً ورجع القهقرى» وأدعى ابن الجوزي أنه أشار بالحمد والشكر بيده ولم يتكلم، وليس في رواية الحميدي ما يمنع أن يكون تلفظ، ويقوّي ذلك ما عند الإمام أحمد عن أبي حازم «يا أبا بكر لم رفعت يديك وما منعك أن تثبت حين أشرت إليك؟ قال: رفعت يديّ لأني حمدت الله على ما رأيت منك»

<<  <  ج: ص:  >  >>