للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه أن بعض المشركين قال (للنبي: اطرد هؤلاء) أي الستة المذكورين وكان ذلك أنفة منهم من مجالستهم لاستصغارهم واستقذارهم لاحتقارهم لهم لفقرهم وخمولهم في الدنيا ونسب القول في الحديث للكل لرضاهم به (لا يجترءون) أي لئلا يحصل

منهم الجرأة (علينا) فنعير بذلك ثم بين النفر الستة بقوله: (وكنت أنا وابن مسعود) الهذلي (ورجل من هذيل) لم أرَ من سماه من شرح صحيح مسلم (وبلال) مولى أبي بكر (ورجلان لست أسميهما) كأنه يعني أبا بكر وعلياً رضي الله عنهما ولعل وجه إبهامه لهما استبعاد القوم طلب أشراف الكفار لطردهما فإنهما كانا من أعيان قريش ومشاهيرهم، ولعل طلب طردهما إن كان فلمخالفتهما لهم في الإسلام فأرادوا بذلك التعريض إلى حقارتهم ولا يطفىء أنوار الله أفراد أعدائه (فوقع في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقع) أي من طرد أولئك عنه لما علم من كمال أنفسهم ومخالطة الإيمان لبشاشة قلوبهم فلا يفارقه أحدهم لما نزل وتقريب المشركين طمعاً في إسلامهم وإسلام قومهم نظير إعطائه الفىء لجمع من المؤلفة تألفاً له ومنع ذلك عن بعض محتاجي المؤمنين اكتفاء بما وقر في قلبه من نور الإيمان المغني عن التألف ورأى النبي أن ذلك لا يفوت أصحابه شيئاً ولا ينقص لهم قدراً (فحدّث نفسه) أي بذلك قال القرطبي في «المفهم» : وفي بعض كتب التفسير أنهم لما عرضوا ذلك على النبي أبى. فقالوا له: اجعل لنا يوماً ولهم يوماً وطلبوا أن يكتب لهم بذلك فهمّ النبي بذلك ودعا علياً ليكتب فقام الفقراء وجلسوا ناحية (فأنزل ا) : (

{ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه} ) فنهاه عما هم به من الطرد لا أنه وقع الطرد ووصف أولئك بأحسن أوصافهم، وأمره بأن يصبر نفسه معهم بقبوله: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ} فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رآهم بعد ذلك يقول: مرحباً بالذين عاتبني الله فيهم وإذا جالسهم لم يقم عنهم حتى يكونوا هم الذين يبدأون بالقيام وقوله: {يدعون ربهم بالغداة} بطلب التوفيق والتيسير، وبالعشي يطلب العفو عن التقصير وقيل معناه: يذكرون الله من بعد صلاة الفجر وصلاة العصر، وقيل يصلون الصبح والعصر. وقال ابن عباس: يصلون صلاة الخمس. وقال يحيى بن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>