للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعت امرأة من فصحاء العرب تقول: أنا امرء أريد الخير، بغير هاء وجمعها نساء ونسوة من غير لفظها اهـ. وهذه المرأة وبنتاها لم أقف على من عينهن من شرّاح الصحيحين ولا غيرهما. قال الشيخ زكريا لم تعرف أسماؤهن (ومعها ابنتان) جملة حالية وتعدد الرابط، وقوله (لها) في محل الصفة وجملة (تسأل) مستأنفة استئنافاً بيانياً كأن قائلاً يقول: ما سبب دخولها بمن معها؟ فقالت: تسأل (فلم تجد عندي شيئاً) من مطلوبها الذي تعرضت له بالسؤال (غير تمرة واحدة) أكدت مفهوم الواحدة الدال عليها التاء في تمرة دفعاً لتوهم أنها للتأنيث لا للواحدة و «وواحدة مما انفرد بها مسلم عن البخاري فلم يذكرها في الحديث في كتاب الزكاة (فأعطيتها) أي المرأة (إياها) أي التمرة. قال في «فتح الباري» : فيه مزيد حرص عائشة رضي الله عنها على الصدقة امتثالاً لوصية النبي لها بقوله: «لا يرجع من عندك سائل ولو بشق تمرة» رواه البزار (فقسمتها) بتخفيف السين: أي الثمرة (بين ابنتيها ولم تأكل منها) أي التمرة وفي نسخة «شيئاً» وهذا منها محتمل لكونه لداعي الثواب لكونه لذلك ولداعي الطبع أيضاً، فإن طبع الوالد إيثار الولد بذلك، فيؤخذ منه على الاحتمال الأخير حصول الثواب فيه، ويؤيده حديث سعد السابق في باب الإخلاص «وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا أجرت بها حتى ما تجعل في امرأتك» (ثم قامت) أي منصرفة (فخرجت) ولعل حكمة الإتيان بثم في الأول وبالفاء في الثاني أنها كانت راجية حصول شيء غير التمرة فأطالت الجلوس لانتظاره، فلما غلب على

ظنها عدم ذلك قامت فعقبت قيامها بخروجها (فدخل النبي علينا) أي أهل المنزل الشامل لها ولمن عندها من خادم وجليس، فالنون على حقيقتها ويحتمل أن يكون الضمير استعملته في نفسها على انفرادها تعظيماً لكونها من أمهات المؤمنين وزوجات سيد المرسلين لا لذاتها، وقالت بالنظر لذاتها متواضعة كما هو مقتضى عظيم شأنها ومزيد فضلها (فأخبرته) وحذفت المفعولين الأخيرين لدلالة السياق عليهما (فقال: من ابتلي) بضم الفوقية مبنى للمجهول أي امتحن واختبر، وسماه ابتلاء لموضع الكراهة لهن (من هذه البنات) من فيه بيان لقوله (بشيء) وهو نائب الفاعل: أي بأنفسهن أو أحوالهن. قال القرطبي: يفيد بعمومه أن الستر من النار يحصل بالإحسان إلى واحدة من البنات، فإذا عال زيادة على الواحدة فيحصل له زيادة على الستر السبق مع النبي إلى الجنة كما في الحديث السابق «من عال جاريتين» إلخ (فأحسن إليهن) هذه الجملة عند مسلم، وعند

<<  <  ج: ص:  >  >>