قلت: لأن المعنى اطلبوا وصيتي واقبلوها واعملوا بها (فإن المرأة خلقت) بالبناء للمفعول: أي أخرجت (من ضلع) بكسر المعجمة وفتح اللام، ويجوز تسكينها وهي مؤنثة كما في «القاموس» و «المصباح» ، قال في «الفتح» : فيه إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر، وقيل من ضلعه القصير، أخرجه ابن إسحاق في المبتدأ عن ابن عباس وكذا أخرجه ابن أبي حاتم وغيره من حديث مجاهد، وأغرب النووي فعزاه للفقهاء أو لبعضهم اهـ.
وهذا لا يختلف الحديث الذي فيه تشبيه المرأة بالضلع، بل يستفاد من هذا نكتة التشبيه وأنها عوجاء مثله لكون أصلها منه. وقال القرطبي: يحتمل أن يكون معناه: أن المرأة خلقت من مبلغ ضلع فهي كالضلع (وإن أعوج ما) أي شيء كما في رواية أخرى (في الضلع أعلاه) قيل فيه إشارة إلى أن أعوج ما في المرأة لسانها، وفائدة هذه المقدمة أن المرأة خلقت من ضلع أعوج فلا ينكر اعوجاجها، أو أنها لا تقبل التقويم كما أن الضلع لا يقبله، ولذا قال (فإن ذهبت تقيمه) أي أعلاه عن الاعوجاج الذي هو شأنه (كسرته) لعدم قابليته له (وإن تركته) غير آخذ في إقامته (لم يزل أعوج) لأنه وضعه وشأنه، وكذا المرأة إن أردت إقامتها على الجادة، وعدم اعوجاجها أدى إلى الشقاق والفراق، وهو كسرها وإن صبرت على سوء حالها وضعف معقولها ونحو ذلك من عوجها دام الأمر واستمرت العشرة، والفاء في قوله:(فاستوصوا بالنساء) الفاء الفصيحة: أي فاعرفوا ذلك فاستوصوا بهن (خيراً) بالصبر على ما يقع منهن، فيه رمز إلى التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه فيكسر ولا يتركه فيستمر على عوجه وما قررت من أن الفاء الفصيحة هي العاطفة على مقدر هو ما في النهر لأبي حيان وردّ ما في «الكشاف» ، وتبعه البيضاوي من أنها الواقعة جواباً لشرط مقدر حذف هو وفعله بأن النحاة أجمعوا على عدم جواز حذف الأداة والفعل في مثل ذلك (متفق عليه) رواه البخاري في بدء الخلق وفي النكاح، ورواه مسلم في النكاح، ورواه النسائي في عشرة النساء وابن أبي شيبة، وزاد «من كان يؤمن با واليوم الآخر فإذا شهد أمراً فليتكلم بخير أو ليسكت» .
(وفي رواية في الصحيحين) في هذا الحديث عن أبي هريرة لكن اقتصر المزيّ على عزوه بهذا اللفظ إلى مسلم في النكاح. قال: ورواه الترمذي فيه وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه (المرأة) اللام فيها للحقيقة (كالضلع) في الاعوجاج وعدم قابلية الإقامة (إن أقمتها) أي الضلع وهي مؤنثة، ويحتمل