للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

داود: قال الأكثر عن حماد بن زيد: هي المنفقة، وقال غير واحد عنه: هي المتعففة، وكذا قال عبد الوارث عن أيوب اهـ. وعند أبي نعيم في «المستخرج» عن حماد «واليد العليا يد المعطي» . وعند النسائي عن طارف المحاربي قال: «قدمنا المدينة فإذا النبي قائم على المنبر يخطب الناس وهو يقول: يد المعطي العليا» قال الحافظ في «الفتح» بعد ذكر أحاديث: فهذه الأحاديث متظافرة على أن اليد العليا هي المنفقة المعطية وأن السفلى أي في قوله: (خير من اليد السفلى) هي السائلة، وهذا هو المعتمد. وهو قول الجمهور، وقيل السفلى الآخذة سواء كان بسؤال أو بغيره، وهذا أباه قوم واستندوا إلى أن الصدقة تقع أولاً في يد الله قبل يد المتصدق عليه. قال ابن العربي: التحقيق أن السفلى يد السائل أما يد الآخذ فلا، لأن يد اهي المعطية ويد اهي الآخذة وكلتاهما عليا وكلتاهما يمين اهـ. وفيه نظر لأن البحث إنما هو في أيدي الآدميين، أما يده تعالى فباعتبار كونه مالك كل شيء نسبت يده إلى الإعطاء، وباعتبار قبوله للصدقة ورضاه بها نسبت يده إلى الأخذ ويده العليا على كل حال. أما يد الأدمي فأربعة: يد المعطي وقد تظافرت الأخبار بأنها عليا ويد السائل وقد تظافرت بأنها سفلى سواء أخذت أم لا، وهذا موافق لكيفية الإعطاء والأخذ غالباً، وللمقابلة بين العلوّ والسفل المشتق منهما، ويد المتعفف عن الأخذ ولو بعد أن تمد إليه يد المعطي، وهذه وهذه توصف بالعلو المعنوي، ويد الآخذ بغير سؤال، وهذه قد اختلف فيها، فذهب جمع إلى أنها سفلى وهذا بالنظر إلى الأمر المحسوس، أما المعنوي فلا يطرد فقد تكون علياً في بعض الصور وعليه يحمل كلام من أطلق كونها عليا. وقال ابن حبان: اليد المتصدقة أفضل من السائلة لا الآخذة بغير سؤال وعن الحسن البصري: اليد العليا المعطية والسفلى المانعة ولم يوافق عليه. وأطلق آخرون

من المتصوفة أن اليد الآخذة أفضل من المعطية مطلقاً. وقد حكى ابن قتيبة ذلك في «غريب الحديث» عن قوم، ثم قال: وما أرى هؤلاء إلا قوماً استطابوا السؤال فهم يجنحون للدناءة، ولو جاز هذا لكان المولى من فوق من كان رقيقاً فأعتق والمولى من أسفل من كان سيداً فأعتق اهـ. ثم قال الحافظ بعد نقل أقوال أخر: وكل هذه التأويلات تضمحل عند الأحاديث المتقدمة المصرحة بالمراد، فأولى ما فسر الحديث بالحديث. ومحصل ما في الأحاديث المتقدمة أن أعلا الأيدي المنفقة ثم المتعففة عن الأخذ ثم الآخذة بغير سؤال وأسفل ما في الأيدي السائلة والمانعة اهـ. (وابدأ) في العطاء (بمن تعول) لأنه إما واجب أو مندوب ففيه أداء حق أو صلة رحم (وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى) أي أفضلها ما وقع عن غنى وعدم احتياج إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>