للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقسم بما شاء، والله أعلم.

(وقال تعالى) : ( {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل} ) قال ابن عباس: يريد الإيمان بجميع الكتب والرسل يعني يصلون بينهم بالإيمان بهم ولا يفرّقون بين أحد منهم، والأكثرون على أن المراد به صلة الرحم (الآية) بالنصب على تقدير أتم الآية، أو بالرفع على تقدير الآية معلومة، وتمامها {ويخشون ربهم} (الرعد: ٢١) أي إنهم مع وفائهم بعهد الله وميثاقه والقيام بما أمر الله به من صلة الرحم يخشون ربهم، والخشية خوف يشوبه تعظيم، وإنما يكون ذلك على علم ما يخشى به منه: {ويخافون سوء الحساب} (الرعد: ٢١) قال إبراهيم النخعي: هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر له منه شيء.

(وقال تعالى) : ( {ووصينا الإنسان بوالديه حسناً} ) أي براً وعطفاً، والمعنى: ووصينا الإنسان أن يحسن بوالديه إحساناً، وهذه الآية هي التي في العنكبوت ونزلت في سعد بن أبي وقاص وأمه حمنة بنت أبي سفيان لما أسلم وكان بارّاً بأمه، فقالت أمه: ما هذا الدين وا لا آكل ولا أشرب حتى ترجع إلى ما كنت عليه أو أموت، فمكثت كذلك أياماً فجاءها سعد فقال: يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني، فكلي إن شئت أو اتركي فلما أيست منه أكلت وشربت، فأنزل اهذه الآية، وأمر بالبرّ بوالديه والإحسان إليهما وأن لا يطيعهما في الشرك.

(وقال تعالى) : ( {وقضى ربك} ) أي أمر قاله ابن عباس. وقيل: معناه أوجب. وحكى عن الضحاك: أنه قرأ ووصى ربك وقال: إنهم ألصقوا الواو بالصاد فصارت قافاً، وهي قراءة علي وابن مسعود. قال الإمام فخر الدين الرازي: هذا القول بعيد جداً، لأنه يفتح بابي التغيير والتحريف في القرآن، ولو جوّزنا ذلك لارتفع الأمان عن القرآن، وذلك يخرجه عن كونه حجة، ولا شك أنه طعن عظيم في الدين ( {ألا تعبدوا إلا إياه} ) فيه وجوب عبادته والمنع من عبادة غيره، إذ هي نهاية التعظيم، ولا تليق إلا بالمنعم المتفضل، وليس ذلك لسواه (و) أن تحسنوا أو تفعلوا ( {بالوالدين إحساناً} ) أي برّا

<<  <  ج: ص:  >  >>