للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي ما يدل لذلك وجملة الشرط معترضة وجوابها محذوف لدلالة ما قبلها عليه ومفعول اقرؤوا قوله:

( {فهل عسيتم} ) أي فهل يتوقع منكم، ويجوز فتح السين وكسرها وبهما قرىء: ( {إن توليتم} ) أمور الناس وتأمرتم عليهم أو أعرضتم وتوليتم عن الإسلام ( {أن تفسدوا في الأرض} ) بأنواع العتو ( {وتقطعوا أرحامكم} ) تشاجراً على الولاية وتجاذباً لها، أو رجوعاً إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من التغادر والماقتلة مع الأقارب. والمعنى: أنهم لضعفهم في الدين وحرصهم على الدنيا أحق بأن يتوقع ذلك منهم من عرف حالهم ويقول لهم: هل عسيتم، وهذا على لغة الحجاز فإن بني تميم لا يحلقون الضمير به، وخبره أن تفسدوا، وإن توليتم اعتراض (

{أولئك} ) إشارة إلى المذكورين ( {الذي لعنهم ا} ) لإفسادهم وقطعهم أرحامهم ( {فأصمهم} ) عن سماع الحق ( {وأعمى أبصارهم} ) فلا يهتدون إلى سبيله. وعلى القول الثاني: أي قوله أعرضتم وتوليتم عن الإسلام تكون الرحم المذكورة دين الإسلام والإيمان التي قد سماها الله تعالى إخوة بقوله: {إنما المؤمنون إخوة} (الحجرات: ١٠) وقال الفراء: نزلت هذه الآية في بني هاشم وبني أمية. قال القرطبي: وعليه فالرحم بمعنى القرابة قال المصنف: قال القاضي عياض: وقد اختلف في حدّ الرحم التي تجب صلتها ويحرم قطعها، فقيل هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى حرمت مناكحتهما فعليه لا تدخل أولاد العم والخال. واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح ونحوه وجواز ذلك في بنات الأعمام والأخوال، وقيل هو عام في كل ذي رحم من ذوي الأرحام في الميراث يستوي فيه المحرم وغيره، ويدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: «ثم أدناك أدناك» اهـ.

قال المصنف والقول الثاني هو الصواب، ومما يدل عليه قوله في الحديث في أهل مصر «فإن لهم ذمة ورحما» وحديث «إن أبرّ البر أن يصل الرجل أهل ودّ أبيه» مع أنه لا محرمية والله أعلم. قال القرطبي: ويخرج من هذا القول أن رحم الأم التي لا يتوارث بها لا تجب صلتهم ولا يحرم قطعهم. والصواب ما ذكرناه من أنها قرابات الرجل من جهة طرفي أبائه وإن علوا وأبنائه وإن نزلوا، وما يتصل بالطرفين من الإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات، وما يتصل بهم من أولادهم برحم جامعة اهـ. (متفق عليه) رواه البخاري في كتاب الأدب ومسلم في كتاب البرّ والصلة.

(وفي رواية للبخاري) هي في كتاب الأدب أيضاً عن أبي هريرة (فقال الله تعالى: من

<<  <  ج: ص:  >  >>