للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٣١٩ - (وعن أنس) بن مالك (رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من أحب) وفي رواية: «من يسره» (أن يبسط) بالبناء للمفعول: أي يوسع. في «المصباح» : بسط الله الرزق: كثره ووسعه، وقال المصنف: بسطه توسيعه وكثرته، وقيل بالبركة فيه ونائب الفاعل أحد الطرفين في قوله: (له في رزقه) أي مرزوقه مصدر بمعنى المفعول، وهو ما به النفع للحيوان، والثاني أنسب، والظرف الآخر في محل الحال، وهذا الإعراب بعينه جار في قرينه من الجملة الثانية: أعني قوله: (وينسأ) بهمزة آخره أي يؤخر (له في أثره) بفتح الهمزة والمثلثة: أي أجله، وسمي الأجل أثراً لأنه يتبع العمر قال زهير:

والمرء ما عاش ممدود له أمل

لا ينتهي العمر حتى ينتهي الأثر

وأصله من أثر مشيه في الأرض فإن من مات لا يبقى له حركة فلا يبقى لقدمه في الأرض أثر (فليصل رحمه) قال ابن التين: ظاهر الحديث يعارض قوله تعالى: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} (الأعراف: ٣٤) والجمع بينهما إما بحمل الزيادة على أنها كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى طاعة الله وعمارة وقته بما ينفعه، ويقربه من مولاه تعالى ويقوّيه ما جاء من: أنه تقاصر أعمار أمته بالنسبة لأعمار من مضى من الأمم فأعطى ليلة القدر. وحاصله أن صلة الرحم سبب للتوفيق لمرضاة المولى وحفظ الأوقات عن الضياع في غير رضا فيبقى بعده الذكر الجميل، فكأنه لم يمت، أو يحمل الزيادة في الحديث على حقيقتها، وذلك بالنسبة للأجل المعلق المكتوب في اللوح المدفوع للملك، مثلاً كتب فيه: إن أطاع فلان فعمره كذا وإلا فعمره كذا، وا سبحانه وتعالى عالم بالواقع منهما والأجل المحتوم في الآية على ما في علم الله سبحانه الذي لا تغير فيه، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب} (الرعد: ٣٩) فالحديث فيه ما أشارت إليه أول الآية من الأجل المعلق، وقوله: {عنده أمّ الكتاب} أشار به إلى العلم الإلهي الذي لا تغير فيه البتة ويعبر عنه بالقضاء المبرم وعن الأول بالقضاء المعلق، والوجه الأوّل أليق بلفظ المذكور.

وقال الطيبي: الأوّل أظهر وإليه يشير كلام صاحب

<<  <  ج: ص:  >  >>