الضمير المجرور، والمراد به الرحم وموالاة المؤمنين والإيمان بجميع الأنبياء ويندرج في ذلك مراعاة جميع حقوق الناس ( {ويفسدون في الأرض} ) بالظلم وتهييج الفتن ( {أولئك لهم اللعنة} ) البعد من الله سبحانه ( {ولهم سوء الدار} ) عذاب جهنم أمر سوء عاقبة الدنيا لأنه في مقابلة - عقبي الدار - وتقدم الكلام في الباب قبله على قوله:
(وقال تعالى) : ( {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} ) فيه استعارة مكنية يتبعها استعارة تخييلية ( {وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا} ) والكاف في «كما» يحتمل أن تكون للتعليل كما في قوله تعالى: {كما هداكم}(البقرة: ١٩٨) على أحد الأقوال. وحينئذٍ فيحتمل أن يكون لبيان سبب دعائك لهما، ويحتمل أن يكون للتنظير والمراد رحمة تامة بالغة كما بالغا جهدهما في تربيتي حال صغرى وانقطاعي ثم كان اللائق بالترجمة تقديم هذه الآية لأن فيها النهي عن العقوق بالتصريح، وبالقياس الأولويّ، وباللازم من الأمر بالبر والإحسان إليهما، إذ الأمر بالشيء نهي عن ضده، والآيتان في القطيعة، إلا أن يقال إنهما شاملان للعقوق لأنه من قطع الأرحام، ومن قطع ما أمر الله به أن يوصل فذكر له من الكتاب دليلاً شاملاً لتحريمه وتحريم غيره من القطيعة ثم ذكر ما يخصه اهتماماً به.
١٣٣٦ - (وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه) سبقت ترجمته في باب النية أول الكتاب (قال: قال رسول الله: ألا) حرف استفتاح وأتى بها ليتنبه المخاطب من غفلته ليتوجه لسماع ما يلقى إليه فيقرّ في قلبه ولذا إنما يؤتى بها فيما يهتم بأمره (أنبئكم بأكبر الكبائر) جمع كبيرة، والصحيح، بل الصواب أن من الذنوب صغائر وكبائر وأن للكبيرة حدا، فالمختار أنها ما ورد فيه وعيد شديد في الكتاب أو في السنة وإن لم يكن فيه حد وهو بمعنى قول إمام الحرمين: كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين وقلة الديانة. ومن أحسن ما ألف فيها وأجمع كتاب «الزواجر عن اقتراف الكبائر» لشيخ شيوخنا المحقق شهاب